169 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة

ويختم الموضوع ببيان دور المذهب الإباضي في إثراء الحركة الفكرية والدينية ببلاد المغرب خاصة، معتمدين الأسلوب الاستقرائي القائم على تتبع ما جاء في الكتاب المذكور من وقائع تتعلق بالفرق والمذاهب، مؤكدين على مدى مساهمة هذا العلامة في تطوير الفكر الديني انطلاقا من الجزائر إلى مختلف الأصقاع, وهو ما يزيد في ترسيخ هوية الشعب الجزائري، وإسهامات رجاله عبر التاريخ في الفكر الإنساني عموما والديني خصوصا، هذا الفكر الموسوم بالاعتدال والتسامح والوسطية، وهو ما يحفز الباحثين على مزيد الدرس والتمحيص، واستحضار مواقف واجتهادات العلماء، ودفع الباحثين الشباب إلى مزيد العطاء والبذل لنشر العلم بين طلابه اقتداء بالعالم الجليل اطفيش وأمثاله. فتحية إكبار وتقدير لمن فكر ودعا ونظم وساهم أفرادا ومؤسسات، والله ولي التّوفيق.
الفصل الأول
الشيخ اطفيش: عصره، حياته، مكانته العلمية
المطلب الأول:
1/ عصره: اتسمت الفترة الممتدة بين أواسط القرن التاسع عشر للميلاد وأوائل القرن العشرين من تاريخ الأمة العربية والإسلامية بالضعف والهوان، فعلى المستوى السياسي كانت البلاد مقسمة بين الدول الاستعمارية، فيما كان نصيب فرنسا المغرب العربي انطلاقا من الجزائر حيث استعمرتها سنة 1883م، ولم تشذ المناطق الداخلية عن الهيمنة الاستعمارية رغم محاولة العزّابة ببني ميزاب عقد معاهدة مع السلطة الاستعمارية تنص على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للوادي مقابل دفع ضريبة سنوية (1853م)، إلا أن فرنسا نكثت المعاهدة وأخضعت الإقليم لنفوذها (1).
أما على المستوى الاجتماعي والفكري فقد عمّ البلاد الفقر والجهل، وتفشت الأمراض، ورانت الأسطورة والخرافة مكان الفهم الصحيح للدّين، فانتشرت الشعوذة بتشجيع من المدّ المسيحي وما صحبه من إغراءات وامتيازات كتوفير فرص العمل، وامتلاك الثروة أمام المقبلين على هذا التوجه المسيحي المقيت، ورغم سعي الوطنيين وأصحاب الهمم من أبناء