176 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة

- أما الرحلات الدولية (18) فقد كانت الأولى إلى البقاع المقدسة سنة 1873م، حيث مكث عاما كاملا مجاورا للكعبة يدرس ويؤلف ويفتي ويحضر حلقات العلماء من أمثال أحمد زيني دحلان، ورحمة الله الهندي، ومحمد حسب الله، وغيرهم كثير، وقد قال فيهم الشيخ: «وكلهم محبون لي ولأموري» (19). أما الرحلة الثانية فقد تمت سنة 1886م، وقد خلدها في قصيدته المعروفة بالحجازية (232 بيتا)، وألقى بهذه المناسبة دروسا بالروضة الشريفة بالمدينة المنورة، وكان مرفوقا بزوجته، كاسرا بذلك حاجز الخوف لاعتبارات أمنية واجتماعية في منع النساء من الذهاب إلى الحج.
وقد زار مدينة جربة في طريقه إلى الحج رفقة جماعة من الميزابين بعد أن أقام بمدينة تونس سنة 1886م، حيث التقى ببعض شيوخ الزيتونة، وتبادلوا النقاش في عدة مسائل دينية وتربوية تتعلق بطرق التدريس، كما كان له في جربة لقاءات مطولة للوقوف على آثار علمائها من أمثال الشيخ محمد يوسف المصعبي، والشيخ سعيد بن عيسى الباروني، مطلعا على أغلب حلقات الدروس بالجزيرة، موجها ومعلما قبل أن يغادر إلى طرابلس في طريقه إلى مكة، حيث حط رحاله بالقاهرة، فزار جامع الأزهر وجالس علماءه وناقشهم ...
الفصل الثاني
موقف الشيخ من المذاهب السنّية:
إن كتاب "الذهب الخالص" يمثل سجلا دقيقا للحديث عن المذاهب السنّية ومناقشة الشيخ لها، حيث راوح مواقفه بين المخالفة والتعديل والاتفاق، ولا حرج لديه في إثبات ذلك من خلال أمثلة دقيقة سيأتي الحديث عنها لاحقا، كما أنه أفرد المذاهب والمواضيع المختلفة برموز خاصة به، منها إفراد المالكية برمز حرف الميم (م)، والشافعية بحرف الشين (ش)، والحنفية بحرف الحاء (ح)، والحنبلية بكلمة أحمد (أحمد)، رغم أنّه لم يشر إليها في مقدمته، كما فعل مع المالكية والحنفية والشافعية.
أما الإباضية فقد أشار إليها بحرفي النون والألف (نا)، إضافة إلى ما أورد من رموز كحرف الصاد (ص) لصحيح، وحرفي الألف والقاف (أق) للأقوال، وحرف القاف (ق)