دون أن نتطرّق إلى الأصوات عند الشّيخ أطفيش، والصّوامت العربيّة منفردة من حيث مخارجُها وصفاتّها، فيما هو آتٍ.
المخارج الصّوتيّة عند الشّيخ:
أشرنا إلى أنّ الشّيخ تأثّر في الكثير من الآراء والمواقف التّعليميّة بالقدامى، ونلمس هذا التّأثّر حينما يتحدّث عن المخارج الصّوتيّة، ويتّضح لنا كأنّنا نقرأ مصطلحات الخليل، وآراءه حينا، وفي مواضع أخرى نلمس أخذه وتأثّره بسيبويه. وأرى أنّ الشّيخ حينما أخذ بعض المصطلحات عن الخليل؛ فإنّ ذلك يحسَب له، باعتبار أنّ تلامذة الخليل، وكلّ من جاء بعده أهملوا مصطلحاته، وبخاصّة مصطلحي (المبدأ، والحيّز) " (¬1) " ولأنّ الخليل تميّز بتوزيع الأصوات على مواقعها في الجهاز النّطقي، وكانت الشّفتان عنده آخر مخرج من مخارج الحروف.
وزّع الخليل الموقعيّات في معجمه العين على مواقعها باعتبار جريان الصّوت وتوقّفه؛ حيث بدأ بذكر الأصوات العميقة بدءا بأقصى الحلق وصلا إلى الشّفتين، وهو ترتيب صوتي تصاعدي، وقد اتّبعه الشّيخ أطفيش في كتابه الرّسم، بعكس ترتيب المحدثين. والطّريقة التي اعتمدها الخليل في هذه العمليّة، هي أنّه كان يُدخل الألف على الصّامت السّاكن، ليتّخذ من الألف سلّما وعمادا إلى حرف البناء، وأنّ اللّسان حين ينطق السّاكن من الحرف يحتاج إلى ألف الوصل" (¬2) " وما يميّز الخليل في حديثه عن مواضع الأصوات في الجهاز النّطقي، هو استعماله مصطلحات متنوّعة، وهي: المبدأ، والمخرج، والمدرج، والحيّز" (¬3) " والشّيخ كان يعي أهمّية هذه المصطلحات، فأخذ عن الخليل، وذكر مصطلحي المبدأ والحيّز لأهمّيتهما، ولأنّ تعليمهما لا يتحقّق إلاّ عن طريق النّطق الصّحيح، مع ضرورة وعي المتعلّم بكيفيّة تحقّق الأصوات في كلّ موضع.
كما وظّف الشّيخ أطفيش مصطلح المخرج، وهو الشّائع استعمالاً عند القدامى والمحدثين. فالمفهوم اللّغوي للمخرج يختلف عن المفهوم الاصطلاحي؛ فالمخرج لغة هو موضع مرور وانتقال، واصطلاحا هو موضع حدوث الصّوت ووجوده في بداية أو وسط أو منتهى الجهاز النّطقي؛ أي موضع حدوث ونشأة وتكوين. وكان أبو الأسود في القرن الأوّل
¬__________
(¬1) - نفسه، ص54/ 60.
(¬2) - الخليل بن أحمد الفراهيدي، كتاب العين، تح، عبد الله درويش، مط، المعاني، بغداد، ط1، 1967، ج1، ص54.
(¬3) - المبدأ هو بداية تكوين الشيء في المرحلة السّابقة لاكتماله وحدوثه؛ فهو الموضع الذي يبدأ الصّوت فيه بالتّجمّع، لقول الخليل: (العين والحاء والهاء والغين حلقيّة؛ لأنّ مبدأها من الحلق) فكان المبدأ بداية تشكّل الصّوت، قبل اتّخاذ مخرج معيّن وصفة تلوّنه. والمخرج هو موضع تحقّق الصّوت الواحد في حال إفراده، والمدرج هو موضع تحرُّك مجموعة من الأصوات المتقاربة، وهو موضع بداية الصّوت الثّاني عند نقطة توقّف الصّوت الأول، والحيّز هو موضع تجمّع عائلة صوتيّة واحدة، فتنسب إليه، مع تفاوت بينها. الخليل، كتاب العين، ج1، ص65، وما بعدها، باختصار وتصرّف.
Post Top Ad
الأحد، 7 مارس 2021
الرئيسية
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
221 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
221 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
التصنيف:
# دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
عن MaKtAbA
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق