ويظهر الوعي الكبير الذي أبداه قطب الأيمة تجاه مخاطر الاحتلال الأجنبي؛ ما جاء في رده على رسالة الخليفة عبد الحميد الثاني، الذي سأله عن حكم خط السكة الحديدية الذي يريد مدّه من اسطنبول إلى الحجاز؛ فكان رده: «إنني أخاف أن تكون في ذلك نوايا سيئة من الدول النصرانية للدخول بطريقة هذا المشروع إلى البلاد المقدسة، فإذا وجد من أبناء المسلمين من يستطيع أن يسيّر هذا القطار فلا أرى في ذلك مانعا» (¬1).
والسبيل للقضاء على الاستعمار حسب الشيخ اطفيش هو الجهاد الذي يعد أوجب الواجبات، فعند تفسيره للآية: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60]؛ يقول: «والآن يجب على عامة الموحدين ولا سيما السلاطين وأتباعهم أن يستعدوا بالرصاص والبارود والمدافع، ويتعلموا ذلك تعلما كليا محققا، ويعلموه الأجناد لعلهم يزيلون بعض غلبة أهل الشرك، والآية شاملة لهذا المعنى والإلحاق والقياس وكأنها نص فيه» (¬2).
إن الملاحظ للنتائج التي توصل إليها الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش في تفسيره للظاهرة الاستعمارية يدرك مدى إحاطته بما كان يجري في محيطه الوطني والعالمي، كما يتبين من خلال موقفه من الاستعمار مدى عمق تفكيره وبعد نظره، وإدراكه لخطورة هذه الظاهرة على العالم الإسلامي والجزائر تحديدا.
كما أن تفسيره كان موضوعيا إلى أبعد الحدود، حيث إنه تناول الجانبين بالدراسة والتحليل "المستعمِر الأوربي والمستعمَر الإسلامي" واستظهر العوامل المرتبطة بكل طرف.
كما أن نظرته للخروج من الدائرة الاستعمارية إلى فضاء الحرية والاستقلال شهدت تبلورا بمرور الزمن ففي بداية مشواره النضالي كان لا يؤمن إلا بالمقاومة المباشرة، لكن فيما بعد أدرك أن هذا النوع من النضال لا يأتي ثماره بمفرده إن لم يرافقه إصلاح اجتماعي ديني،
¬__________
(¬1) عبد الرحمن حاج ابراهيم، وحاج أحمد كروم، 2010، ص 121.
(¬2) بالحاج أوزايد، 2011، ص198.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق