وفي محاولة منا لمعرفة منهج اجتهاد القطب الذي بوّأه المكانة العلمية التي عرف بها؛ وهي بلوغه لدرجة الاجتهاد المطلق سأحاول من خلال هذه الورقة البحثية بيان أهم الآراء الأصولية التي استقر عليها القطب في تخريج فروعه الفقهية من خلال كتاب من أهم كتبه الفقهية التي ألفها، وهو كتاب شامل الأصل والفرع والذي يعتبر من أواخر ما ألف، حيث وافته المنية ولما يكمله، كما أنه ألفه لما بلغ درجة الاجتهاد كما صرح بذلك في ثنايا الكتاب.
أولا: التعريف بكتاب شامل الأصل والفرع:
هو كتاب أصولي فقهي كما يدلّ عليه العنوان، والكتاب توجد منه نسخ مخطوطة بمكتبات وادي مزاب، وقد قام تلميذه وحفيد أخيه الأكبر أبو إسحاق إبراهيم اطفيش. بطبعه في جزأين.
1 - أهمية الكتاب وقيمته العلمية:
تتجلّى أهمّية الكتاب في كون القطب ألّفه في آخر حياته بعد أن بلغ درجة الاجتهاد المطلق كما صرحّ بذلك في الكتاب بقوله: « .... وقد كنت أجتهد بالقياس على أصل إمامي، ولا أكاد أصيب إلاّ قولا يوافق ما قلت والحمد لله، ثمّ انتقلت عن هذه الدرجة إلى ما فوقها والحمد لله .. ». (¬2) وهذا يدل على أنّ آراءه الأصولية في كتاب شامل الأصل والفرع هي آخر ما استقرّ عليه اجتهاده الأصولي.
كما تظهر القيمة العلمية للكتاب من خلال الإحالة إليه في كتاب النيل في أكثر من موضع، إذ فرغم أن تأليف شرح النيل سبق الشامل بزمن طويل إلا أن مكانة كتاب الشامل لديه، وتحقيقه للمسائل فيه وتدقيقها حملته على مراجعة ما أثبته في شرح النيل، ثم الإحالة إلى المسألة المحققة في الشامل. (¬3)
وقد جاء هذا الكتاب في مرحلة تطور فيها منهج القطب في تآليفه حيث اتسم بالدقة وتحقيق المسائل بعد أن كان يتميز بالجمع والتدوين، وإكثار المسائل، على حساب المنهجية
¬__________
(¬1) -على غرار الشيخ نور الدين السالمي، والشيخ عيسى بن صالح بن علي الحارثي، والشيخ محمد بن شيخان السالمي الشاعر، والشيخ راشد بن عزيز، وقد جمعت بعض هذه الأجوبة في كتاب كشف الكرب الذي طبعته وزارة التراث القومي والثقافة لسلطنة عمان بترتيب محمد علي الصليبي (1406هـ-1985م) ينظر: القطب: كشف الكرب، 1985م، ج1/ص161 - 170، 220 - 222، ج2/ص10.
(¬2) - القطب: الشامل، 2007م، ج1/ص13.
(¬3) - ينظر على سبيل المثال: القطب: شرح النيل، 1973م، ج1/ص83، 147، 265. ج2/ص23، 161، 406، 561، 637، ج12/ص294.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق