4) قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواَم بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَالِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108].
المطلب الثالث: النظر إلى المآل عند الشيخ اطفيش.
يظهر اهتمام الفقهاء بالاجتهاد التنزيلي بالنظر إلى مآلات الأفعال ونتائج التصرفات عند المكلفين في مسائل المعاملات التي يكثر فيها التذرع بالعقود الجائزة للوصول بها إلى مآلات محظورة شرعا.
والشيخ اطفيش من أولئك العلماء الذين بنوا فقههم على النظر في عواقب الأمور، ولم يكتفوا بسلامة الظاهر من العقود والتصرفات، فكيّف المسألة بما ظهر له من قرائن أو ملابسات تنبئ بوجود بواعث غير مشروعة أو نتائج ضررية لم يشرع العقد ولا التصرف من أجلهما.
وسأكتفي بإظهار اهتمام الشيخ بالنظر إلى المآل في مسألتين اثنتين هما: بيع العينة، ونكاح التحليل.
أولا: بيع العينة.
بيع العينة (¬1) أو بيوع الآجال (¬2) وتسمىّ أيضا بيع المعاملة، (¬3) هو شراء المرء لغرض بثمن مؤجل ثمّ بيعه ممّن اشتراه بأقلّ من الثمن الأول بنقد حاضر. وقد تكون بعكس ذلك ببيع المرء لسلعة بثمن حاضر، ثم شراء ما باع إلى أجل بأكثر من الثمن الأول. والجامع بين الصورتين هو حصول زيادة على الثمن الأول مقابل الأجل، ورجوع العين المباعة إلى المشتري الأول، والسلعة لغو جٌعلت وسيلة للتحيل على الربا.
وقد اختلفت وجهات نظر فقهاء المذاهب الإسلامية في الحكم على هذه المعاملة بحسب مدى نظرهم إلى المآل، فقد ذهب كلّ من الشافعية (¬4) والظاهرية (¬5) إلى صحة البيع
¬__________
(¬1) -ابن عابدين: رد المحتار، 5/ 173، النووي: روضة الطالبين3/ 412، الشيرازي: المهذب، ... 3/ 416.
(¬2) - الشافعي: الأم3/ 87.
(¬3) - مصطفى الزرقا: المدخل الفقهي، 1/ 193.
(¬4) -النووي: روضة الطالبين3/ 412، الشيرازي: المهذب، 3/ 416.
(¬5) - ابن حزم: المحلى9/ 47.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق