إحلالها لزوجها الأوّل من غير قصد للتحليل. فما الفرق قضاء بين قصد التحليل وعدم قصده إذا أخفى المحلل نيته ولم يظهرها ولم تكن هناك قرينة تدل على وجود ذلك الباعث غير المشروع؟
فالبطلان قضاء يحتاج إلى دليل موضعي ليُحكم به, وإن لم يوجد كما في هذه الصورة فالأصل في العقد هو الصحة. وهو ظاهر قوله تعالى: {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِنم بَعْدُحَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
2) قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله المحلل و المحلل له)، (¬1) فاللعن لم يقتصر على المحلّل وحده، بل أشرك معه المحلّل له لأن علة التحريم هي الحيلة التي فعلاها، وهي لا تكون غالبا إلا بعلم الطرفين وتواطئهما على عقد التحليل، فعلم المحلَّل له قرينة واضحة وكافية لإبطال العقد، أما وجود القصد مع عدم العلم به فليس قرينة ولا دليلا لإبطال التصرف.
فالجمهور حكموا بالتحريم والبطلان على المحلّل دون ذكر للفارق الفاصل بين الأمرين، فحكمهم صحيح في الأمر الديانيّ وهو التحريم، أما في الأمر القضائي وهو البطلان فلابد من دليل يدلّ عليه، وإذ لم يوجد بقي حكم العقد صحيحا مع وجود الإثم، وتحلّ به الزوجة لزوجها الأوّل لأنه هو الأصل في العقود، وهذا ما ذهب إليه الشيخ اطفيش (¬2) الذي اشترط علم المحلل له، وهو ما ذهب إليه سالم وأبي القاسم ويحيى بن سعيد من المالكية، (¬3) وهذا الموقف هو الأقرب إلى الصواب، لأن الموضوعية في عدم اعتبار الباعث غير المشروع هي الأصل، والذاتية -اعتبار القصد- استثناء يُلجأ إليها عند العلم بها أو تظهر قرائن وملابسات تدلّ عليها.
والله أعلم وأحكم، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الهوامش:
¬__________
(¬1) - الحديث سبق تخريجه.
(¬2) - امحمد أطفيش: شرح النيل،7/ 374
(¬3) - ابن عبد البر: الكافي في فقه أهل المدينة1/ 227.
Post Top Ad
الأحد، 7 مارس 2021
الرئيسية
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
149 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
149 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
التصنيف:
# دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
عن MaKtAbA
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق