وقد سعيت من أجل إعداد هذا البحث بصورته الصحيحة ووجه الصائب للبحث والاطلاع في مؤلفات الشيخ اطفيش باحثا ومنقبا عن قضية الوحدة الإسلامية، لاسيما وأنها تتقاطع مع مناسبة مرور قرن على وفاة هذا القطب العلامة، الذي كفل الله له الحياة بعلمه قرنا إضافيا منذ وفاته (1332هـ - 1914م / 1435هـ - 2014م)، فقرأت مقتطفات من تفسيره وبضعا من مؤلفاته وأسفاره ورحلاته ومراسلاته وفتاويه وأجوبته .. ، فضلا عن قراءتي المعمقة السابقة لكتابه القيم بجزئيه " شامل الأصل والفرع " أثناء إعدادي لمؤلف جماعي عنه سنة 1431هـ 2010م (¬2)، وذلك لغرض تقديم الرؤية الأقرب للصواب والحقيقة والواقع حيال مسألة الوحدة الإسلامية في خطاب الشيخ قطب الأيمة اطفيش -كما يحلو لإخواننا الإباضية نعته- متجاوزين تفاصيل المذهب حيال الكثير من المسائل والآراء المتباينة مع الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى، على اعتبار منطلق تعريف الانتماء الذات الإباضية واستعمالها المرجعي لمصطلح "جماعتنا" ومقصودها "أهل العدل والتوحيد "، ومقابلها "قومنا" الأمة الإسلامية المخالفة لهم في المذهب.
وخلال تلك القراءات التحليلية تفاجأت بهذه الأبيات الدالة على الانتصار للمذهب والتعصب للذات الفرقية، التي بدأ بها رده على ذلك المدعو بـ (العقبي) الذي تبين لي من خلال مقدمة الشيخ اطفيش أنه ذلك (العقبي) الذي استحسن ما عليه النصارى المحتلون لبلادنا وفضلهم على كثير من إخوانه المسلمين وبمن فيهم إخوتنا أهل العدل والتوحيد " الجماعة الإباضية "، الذين ُيعتبرون – كما أعتقد - مذهبا كأحد مذاهب الفقه والفكر الإسلامي لا غير، ولكن الذي لا يعرف الجماعة ولا يعرف الشيخ سرعان ما يسارع باتهام الشيخ والجماعة بالتعصب المذهبي ونكران مفهوم الوحدة الإسلامية الشاملة بمقابل الجماعة القطرية المذهبية، غير أن معرفتي العلمية السابقة بعلماء وجماعة الإباضية جعلتني أضع المسألة وضعها وأفهمها في سياقها الذي يجب أن تُفهم فيه وتُوضع موضعه. (¬3)
¬__________
(¬1) انظر مؤلفات الشيخ أيضا، فهي عامرة بالحديث عن الوحدة الإسلامية، فكتبه التي اطلعت عليها لغرض إعداد هذا البحث مليئة ودالة على ذلك، لعل منها: شامل الأصل والفرع، دون طبعة، ج 1، و كشف الكرب في ترتيب أجوبة الإمام القطب، 1405هـ - 1406هـ/1985م- 1986م، ج 1، و شرح كتاب النيل وشفاء العليل، 1392هـ / 1972م، و الحجة في بيان المحجة في التوحيد بلا تقليد. فضلا على المواقع الإلكترونية كـ: http://www.shamela.ws. ومؤلفات غيره من العلماء كالشيخ أحمد خليلي مفتي الديار العمانية وملحقاتها الإفريقية، الحق الدامغ، وعلي يحي معمر وكتابه، الإباضية بين الفرق الإسلامية الأخرى، وإبراهيم بيوض وتفسيره القيم، وغيرهم ككتب الشيخ محمد علي دبوز كلها، وأعوشت، وبكير واعلي ..
(¬2) سبق وأن اشتركت في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية مع فريق من الأساتذة والباحثين في إعداد كتاب عن الشيخ العلامة قطب الأيمة محمد بن يوسف اطفيش رجب 1431هـ جويلية 2010م بمناسبة تخرج الدفعة الثالثة والعشرين من طلبة الجامعة، وكان عنوان بحثي: ((الداعية المصلح و العلامة القطب الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش وكتابه القيم شامل الأصل والفرع)).
(¬3) انظر كتابنا: أعلام الإصلاح الإسلامي في الجزائر، 2012م، ص 639 .. وما بعدها، فقد ترجمت للشيخين اطفيش الكبير والصغير والإبراهيمين أبي اليقظان وبيوض. وهذا الكتاب هو مقرر دراسي لطلبة السنة الثانية تخصص علوم إسلامية فرع الدعوة والثقافة الإسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق