وما دمنا بصدد البحث عن الوحدة الإسلامية في فكر الشيخ اطفيش يجدر بنا أن نسوق هذا النص من مقدمة الشيخين " قاسم بن سعيد الشماخي العامري "و" مصطفى بن إسماعيل العمري الفارضي " المحققين والمقدمين، وهما يقدمان تلك الرسالة السابقة، لعل في مقدمتهما ما يفري هذا الشنآن، حيث قالا: (( .. اتسع مجال الوحشة يا قوم بين أمة احمد وبعضها من الجمود الذي توارثه المقلدون لمذاهب الفرق التي خالفت الحق وتأصلت الأحقاد والدغل بينها البين فلم تتوحد كلمتهم ولم تتيسر عصمتهم والخلاف الناشئ من زمان التفرقة إنما كان من شمول فقههم المتعدد للمتناقضات التي لا يقبلها العقل السليم ويتأفف منها شرع ربنا العظيم وهذا هو الداء الأساسي العضال لهذه الوحشة العقيمة فما بال القوم لم يستعينوا بالله القدير الذي لم يكن له في العفو نظير ويتفرغوا لتصحيح قضايا العقول بالمعقول اللذين في أيدي أهل الفرقة الناجية وهي أقرب الطرق الموصلة لسعادة الدارين وإصلاح البال وطمأنينة القلب قال الله تعالى (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) .. )). (¬2)
والمتتبع لهذه المقدمة يعتقد جازما صوابية ومقاصدية البحث في هذه المسألة عند الشيخ القطب اطفيش، كما يتبين له جملة من المقومات الوحدوية في فكر وتوجه المقدمين أيضا، ويكتشف جملة من الأسس الوحدوية لعل أهمها التالي:
1 – الاعتقاد الجازم بأصل وحدة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
2 – انتقاد التعصب المذهبي والخلاف الفرقي بين المسلمين بسبب أقوال ورثوها من المذاهب.
¬__________
(¬1) انظر القصيدة ضمن مطلع رده على ذلك المفتئت على إخوانه المسلمين المعتد بالنصارى المحتلين.
(وإن لم تعرف الإباضية) فقد عرفهم من قال عائبا عليكم والعهدة على من قال وساغ لي ذلك لأني لا أحسن فيكم الظن.
الشافعي يقول وهو إمامنا * اللعب بشطرنج غير حرام
وأبو حنيفة قال وهو مصدق * في كل ما يأتي من الأحكام
شرب المعتقة السلافة جائز * فاشرب على نغم من الأنغام
والشيخ أحمد قال إن ربنا * جسم يحل كسائر الأجسام
والشيخ مالك للكلاب محلل* وهم دعائم قبة الإسلام
فاشرب وقامر الجد واطعم ميتة *واحتج في كل بقول إمام
قلت زائدا على ذلك:
أترى بمذهب الإباضي مثل ما * في هذا الأقوال من إظلام (3)
(وإن لم تعرف الإباضية) فقد عرفهم من قال:
فإن سألوني لا أبوح بمذهبي * فإني في كتمي اليوم أسلم
فإن شافعيا قلت قالوا بأنه * يبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وإن حنفيا قلت قالوا بأنه * يبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وإن مالكيا قلت قالوا بأنه * يبيح لهم لحم الكلاب وهم هم
وإن حنبليا قلت قالوا بأنه * ثقيل حلولي بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه * يقولون تيس ليس يدري ويفهم
وزدت أنا، لأن المعتزلة يقولون الفاعل خالق لفعله:
وإن واصليا قلت قالوا بأنني * لأفعالي الخلاق والله أعلم
ومن ينتسب إلى الإباضي لم تجد* إليه سبيلا فهو يحظى ويسلم.
انظر: محمد بن يوسف اطفيش، رسالة إن لم تعرف الإباضية يا عقبي ياجزائري، ترقيم الصفحات آلي غير موافق للمطبوع http://www.shamela.ws، ص6، وقد اضطررت للنسخ الإلكترونية لعدم توفر المطبوع.
(¬2) انظر المصدر السابق نفسه: محمد بن يوسف اطفيش، رسالة إن لم تعرف الإباضية يا عقبي ياجزائري، ص 6، http://www.shamela.ws .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق