فما كان من الطلبة إلا أن غيروا وجهتهم نحو الشيخ في إقامته الجديدة متتبعين آثارهم مقتفين طريقه مستنيرين بعلمه متزاحمين على حلقاته.
واستشعر أعيان البلدة أن قبلة النهضة قد تغيرت من بلدتهم التي كانت تشع منها أيام كان القطب بينهم، وقبلها في أيام الشيخين الأفضلي والثميني إلى بلدة بنورة، فما كان منهم إلا أن أجمعوا أمرهم وأقنعوا أنفسهم بضرورة الذهاب إلى الشيخ وتقديم الاعتذارات بين يديه وترجيه بالعودة إلى ديارهم.
وفعلا تم ذلك، واستجاب الشيخ لطلب الأعيان وعاد إلى بلدته في عزة وتمكين، فعين رئيسا لعزابتها وشيخا لمسجدها، وأصبحت مفاتيح البلدة بين يديه يأمر وينهى بما يراه صالحا، ويدعو إلى ما يراه نافعا من الأفكار والآراء (¬1).
استأنف نشاطه الدعوي من جديد، وانبرى من منبر المسجد داعيا إلى الله وناشرا للعلم بين الناس، ومبينا طريق الفضيلة والصلاح والاستقامة.
فأعاد لبلدته بني يزقن من جديد وجهها المشرق وريادتها العلمية، فصارت كما كانت من قبل قبلة النهضة والإصلاح في وادي ميزاب، يقصدها الطلبة والوفود والأعيان من كامل قرى وادي ميزاب، للاستفادة من علمها ومعاهدها وتجاربها.
استمر الشيخ في جهاده العلمي والاجتماعي إلى أن وافاه أجله عن عمر يناهز السادس والتسعين عاما، وذلك سنة 1332هـ / 1914م.
6 ـ نتائج وآثار جهوده في نهضة وادي ميزاب والجزائر:
من خلال ما تم عرضه سابقا يتضح جليا أن جهود الإصلاح والنهضة في عهد الشيخ اطفيش قفزت قفزة نوعية إلى الأمام، وأصبحت في موضع من الثبات والتمركز ما لم يكن لها من قبل، وما لا يمكن العودة فيه إلى الوراء، كما يصح اعتبار عهد القطب عهدا لتعميم
¬__________
(¬1): وينتن: آراء الشيخ اطفيش العقدية، ص63.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق