وأخيرا، يجدر الإشارة إلى أن أمنية اطفيش هو تحرّر بلده بصفة خاصة، والعالم الإسلامي بصفة عامة، فالقارئ لمؤلفاته مثل تفسيره "هيمان الزاد إلى دار المعاد" يجد -وفي مرات عديدة- دعواته بنصرة المسلمين في بقاع الأرض، وتحررهم من الاستبداد الاستعماري، لأن المستعمر لا يجلب أية منفعة لبلاد المسلمين وأهلها، وهذا ما يؤكد حبه للمسلمين وغيرته على مصلحة الإسلام.
3. نماذج من مواقف اطفيش العملية:
تثبت المراجع العربية سواء أكانت سنية أم إباضية أم غربية بديهية أن اطفيش كان عدوا لدودا للاستعمار الفرنسي في الجزائر بصفة خاصة وفي العالم الإسلامي بصفة عامة، فلقد كان يرفض بطريقة مطلقة هيمنة النفوذ الغربي، وأي تعامل معه، أو تكيّف معه على أنه حقيقة تاريخية، وهذا ما يمكن التماسه ليس في مؤلفاته المختلفة فحسب، وإنما كذلك في العديد من مواقفه على أرض الواقع، فتشير مثلا المراجع التاريخية العربية والغربية إلى أن القطب رفض "معاهدة الحماية" (¬2) رفضا باتّا والتي تم توقيعها في 24 جانفي 1853م ما بين بعض ممثلي المجتمع المزابي والسلطات الفرنسية، إلا أنه ينبغي الإشارة إلى أن تلك المعاهدة فرضت على وادي ميزاب بسبب موقف المزابيين المؤيد لمعركة الشريف محمد بن عبد الله في سنة 1952م، حيث وقف بعضهم ناصرا له وساعده مؤيدوه المزابيون على الفرار من الأغواط إلى ورجلان (¬3)، فمعاهدة الحماية هذه أدت إلى انقسام المجتمع المزابي ما بين مؤيد ورافض، أما الطرف الرافض فيمثله رجال الدين وعلى رأسهم اطفيش، حيث رفضوا أي تعامل مع السلطات الاستعمارية، كما أنهم كانوا يهددون كل شخص يتعامل مع الإدارة الاستعمارية بحكم البراءة والتهميش من المجتمع الإباضي (¬4). ويشير الباحث الحاج سعيد أن
¬__________
(¬1) Ourghi, 2008, S. 339f.
(¬2) في ما يخص مضمون بنود معاهدة الحامية انظر:
الحاج محمد عمر بن عيسى بن إبراهيم: مذكرات ووثائق رسمية عن وادي امزاب 1853 - 1951، تونس 1951، ص. 45.
Service d’information du cabinet du GGA: Le M’zab, 3e partie, in: Documents Algériens, Nr. 17, 30 Sept. 1955, p. 1f.
(¬3) يوسف بن بكير الحاج سعيد: تاريخ بني ميزاب، غرداية 1992، ص. 98.
(¬4) Baelhadj Merghoub: Le développement poltique en Algérie, Paris 1972, S. 52;
Sigrid Faath: Die Banu Mizab. Eine religiuse Minderheit in Algerien zwischen Isolation und Integration, Scheessel 1985, 136.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق