كانت نتيجة "معاهدة الحماية" ما بين 1853 و1882م حدوث مجموعة من الفتن الداخلية داخل القصور ما بين المؤيدين والرافضين وسقوط العديد من الضحايا بسبب الفتن المتواصلة ما بين المزابيين من جهة وبين المزابيين مع المالكية من جهة أخرى (¬1)، فحسب المراجع الفرنسية قررت السلطات الفرنسية إلحاق وادي ميزاب بفرنسا بسبب تلك الفوضى التي عمت القصور كلها، ففي 17 نوفمبر 1882 تم الاجتياح العسكري لوادي ميزاب دون إراقة الدماء وتم رسميا الإعلان عن إلحاق وادي ميزاب في 30 نوفمبر 1882 (¬2). وتشير المراجع الإباضية أن اطفيش كان ضد هذا الإلحاق الاستعماري، حيث كان منضما للمقاومة ضد تلك الحملة العسكرية، وتم اعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية لبضعة أيام، كما أن القطب لم يكن له حق التنقل بين قصور وادي ميزاب أو السفر إلى مدن أخرى دون الترخيص له بذلك من طرف الحاكم العسكري في وادي ميزاب (¬3). ويشير وينتن إلى التدخل المستمر للإدارة الاستعمارية في حياة اطفيش العلمية والعملية، حيث كانت تقف إلى جانب كل من اختلف معه، أو كان يعارض توجهاته الإصلاحية؛ من أجل إضعاف نفوذ تأثيره على الرأي العام في الجزائر، وهذا ما يمكن قراءته عند القطب أثناء وصفه لإحدى الفتن حيث قال: «أظن أنَّ الشيطان قد دخل فيها بنفسه.» (¬4)، كما أن رسائله الاحتجاجية ضد الممارسات التعسفية للإدارة الاستعمارية تجاه الشعب الجزائري خير دليل على جهاده المستمر ضد الاستبداد الفرنسي وهيمنته. إلا أن المصادر الإباضية الحديثة لم تجتهد في البحث عن الموقف الفرنسي من اطفيش اعتمادا على المعلومات الفرنسية أو كتب غربية أخرى، واكتفت فقط بالمساهمات التاريخية الإباضية التي ترمي إلى إثبات الروح الوطنية والتوجه الجهادي عند القطب، وهنا نشير إلى أن الإدارة العسكرية الفرنسية -منذ أن حلّت بوادي
¬__________
(¬1) Nil-Joseph Robin: Le Mzab et son annexion à la France, Alger 1884, p. 36f;
Charles Amat: Le M’zab et les M’zabites, Alger 1888, p. 24ff.
(¬2) Salah Bendrissou: Implantation des Mozabites dans l’Algérois entre les deux guerres, Bd. 1, Paris 2000, S. 53f;
(¬3) دبوز: نهضة الجزائر، ج 1، ص 331.
(¬4) اطفيش: خطبتا العيدين، مكتبة القطب، أ. ز: 03: 45، مخطوطة.
وينتن: آراء الشيخ محمد بن يوسف اطفيش العقدية، 39.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق