د/محمد بن ساعو
جامعة سطيف- الجزائر
مدخل:
يعدّ قطب الأيمة العلامة امحمد بن يوسف اطفيش (1237هـ-1821م/1332هـ-1914م) من كبار علماء الجزائر والعالم الإسلامي، حيث برع في الكثير من العلوم وتعددت تآليفه فيها، غير أن تركيزه على الميدان العلمي لم يحجبه عن قضايا مجتمعه ووطنه، فقد عرفت الجزائر في هذه الفترة دخول الاستعمار الفرنسي في سنة 1830م، ووصلت القوات الاستعمارية إلى منطقة مزاب مهد الشيخ اطفيش في خمسينيات القرن التاسع عشر ميلادي.
وقد عايش الشيخ هذه الفترة الحرجة من تاريخ الجزائر ومزاب؛ فكانت له مواقف مشرفة سجلها له التاريخ، حيث دعا لمحاربة الاستعمار لأن الأمة الإسلامية الحقة لا ترضى به، وصنّف الإبقاء على الحالة الاستعمارية في خانة الشرك، ومن هنا يتبين عداؤه الكبير للمحتل الغاشم الذي حاول إخضاع الأرض والإنسان.
فما هي الأوضاع التي عاشتها منطقة مزاب قبل السيطرة الفرنسية عليها؟ وكيف كان ينظر قطب الأيمة للظاهرة الاستعمارية؟ ثم ما هي استراتيجية الشيخ اطفيش في مقاومة الاستعمار ومواجهة السياسة الاستعمارية الفرنسية؟ وما العراقيل التي سببها الاستعمار للشيخ وما مدى تأثيرها على مساره النضالي والإصلاحي؟
1) لمحة تاريخية حول السيطرة الاستعمارية على منطقة مزاب:
الاهتمام الأوربي بالصحراء الجزائرية كان سابقا للاحتلال الفرنسي للجزائر سنة1830، وما يدل على ذلك مدونات الرحالة الأوربيين الذين زاروها (¬1)، وبعد دخول القوات الفرنسية إلى الجزائر شجعت السلطات الفرنسية البحوث حول منطقة الصحراء، فأُلِّفت في ذلك
¬__________
(¬1) أسس الانجليز الجمعية الافريقية " African association" سنة 1788، قصد اكتشاف الصحراء وقام الرحالة الاسكتلندي Park بارك برحلة وصل من خلالها إلى النيجر عام 1796، كما وصل الفرنسي كايي R. Caillie"" إلى تمبكتو في مارس 1828، وتوالت الرحلات الاستكشافية بعد احتلال الجزائر العاصمة. للتوسع في الموضوع عد إلى: العربي اسماعيل 1983.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق