اضطر أعيان مزاب تحت الضغط الفرنسي لتوقيع معاهدة الحماية (¬2) في 29أفريل1853 (¬3) بالأغواط، ومن أهم بنودها جعل إقليم مزاب تحت الحماية الفرنسية وضمان احترام دينهم، مقابل ضريبة سنوية قدرها خمس وأربعون ألف (45000) فرنكا فرنسيا، وهي نفسها قيمة الخراج الذي كانوا يدفعونه للعثمانيين (¬4)، ورغم الارتباط بهذه المعاهدة مع الفرنسيين، إلا أن المزابيين استمروا في دعم الثورات الشعبية التي اندلعت في مختلف أنحاء البلاد وتموينها بالأغذية والأسلحة والذخيرة (¬5).
غير أن الفترة التي تلت عقد هذه المعاهدة شهدت بعض الاضطرابات في المنطقة، وهو ما اتخذه الحكام الفرنسيون ذريعة للمطالبة باستعمار إقليم مزاب ضمن تقاريرهم العسكرية، ضف إلى ذلك اتهام السكان بعدم احترام بنود المعاهدة (¬6)، ولا نستبعد ضلوع الفرنسيين في إثارة الفتن والاضطرابات للتحجج بذلك والإقدام على احتلال الإقليم، الذي كان يعيش شبه استقلالية عن السلطة الفرنسية.
وبعد أن تقلد لويس تيرمان Louis Tirman"" (¬7) منصب الحاكم العام؛ فوضع على طاولته مشروع ضم مزاب وإلحاقها نهائيا بالسلطة الفرنسية للقضاء على كل جيوب المقاومة، ومن ثمة استكمال السيطرة على باقي المناطق الصحراوية.
طلب تيرمان من الجنرال دولاتور دوفاران "" De Latour D'auvergne في أكتوبر 1882 تحضير فرقة عسكرية تضم 1157جندي وضابط (¬8)، وأبرق برسالة في 01 نوفمبر 1882 إلى كافة أهالي مزاب يبرر دخول الفرنسيين إلى المنطقة بعدم وفائهم بعهودهم والفوضى التي تعيشها في المنطقة والناجمة عن سوء تسييرهم، متعهدا في نفس الوقت بالالتزام باحترام عاداتهم وخصوصيتهم العرقية والمذهبية.
ودخلت الحملة إلى مدينة غرداية يوم 17نوفمير1882، وأقيمت مراسيم الإلحاق رسميا
¬__________
(¬1) عيسى حمو النوري، 1984، ج01، ص271.
(¬2) يطو فتيحة، 2006م، ص39.
(¬3) يذكر الباحث مصطفى حمودة أن الفرنسيين أرسلوا رسالة لأهالي مزاب لإبلاغهم بسريان المعاهدة، وهذه الرسالة مؤرخة في 22 - 04 - 1853م/13 - 07 - 1269هـ؛ أنظر مصطفى حمودة، المرجع السابق، ص22.
(¬4) Omar Ben Aissa, 1930, p23.
(¬5) ابراهيم حاج محمد، المرجع السابق، ص 81.
(¬6) مصطفى حمودة، المرجع السابق، ص23.
(¬7) معروف عن لويس تيرمان " Louis Tirman" مشاريعه الاستعمارية التوسعية والاستيطانية.
(¬8) ابراهيم حاج محمد: المرجع السابق، ص81.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق