3) مقاومة الشيخ اطفيش للاستعمار:
بدأت توجهات الشيخ المعادية للاستعمار الفرنسي قبل وصوله إلى مزاب، حيث رفض معاهدة الحماية التي أمضاها المزابيون مع السلطات الفرنسية، وكان يجاهر بذلك حيث قال: «إنني أرض أن نشيع ثمانين جنازة في اليوم في بني يزقن، ولا أرض بحال أن فرنسا وضعت حجرا واحدا في تيضفت» (¬1).
وعندما وصل مسامع الشيخ اطفيش خبر وصول الحملة العسكرية على مزاب إلى بريان تهيّأ وتجهّز للمواجهة والمقاومة؛ فنصب الخيام في الدبدابة (¬2) لإعلان الجهاد، وحاول جمع الشباب لتكوين فرقة عسكرية يحارب بها الفرنسيين؛ غير أنه اصطدم بضعف الاستجابة من السكان بسبب معارضة أعيان مزاب لموقفه (¬3).
هذا الموقف الجريء والمميز لقطب الأيمة في وقت اتفق أغلبية الأعيان على عدم المواجهة يحسب له من المواقف البطولية الشجاعة؛ لكن موقفه هذا لم يرض الكثير من الأعيان فضلا عن الاستعمار الفرنسي، خاصة وأنه كان يدعوا الناس لعدم التعامل مع الفرنسيين ماديا وعسكريا وتجاريا.
وإدراكا من السلطات الاستعمارية لخطورة ما يقوم به الشيخ، وما قد يشكله لها من عرقلة لعملية التوسع في غرداية، قامت بمحاصرة الخيام واعتقاله مع أنصاره، حتى ضمن الفرنسيون السيطرة التامة على مدينة غرداية، وتجيشها فأطلق سراحه.
غير أن القطب لم تثنه هذه المضايقات، ولم يستسلم، وواصل سياسته القائمة على إثارة الشعب للانتفاض ضد الوجود الاستعماري؛ ففرضت عليه فرنسا الإقامة الجبرية، حيث أصبح مطالبا باستصدار رخصة تنقل من الحاكم الفرنسي بغرداية حتى يتمكن من زيارة مختلف قراها (¬4).
إن المواقف التي أبداها قطب الأيمة وعبّر من خلالها عن رفضه الاستعمار وسياسته كثيرة
¬__________
(¬1) عيسى حمو النوري: المرجع السابق، ص 271.
(¬2) الدبدابة هي ساحة بوسط مدينة غرداية.
(¬3) بالحاج أوزايد،2011، ص 197.
(¬4) مصطفى وينتن: المرجع السابق، ص 24 - 25.
شكرا
ردحذف