لقد بدأ القطب نضاله من أجل الحرية بالدعوة للجهاد، ومقاومة الاحتلال الفرنسي، وبعد العراقيل التي لاقاها، وعدم استجابة الكثير من الأعيان؛ لم يتراجع بل واصل جهاده لكن بطريقة مختلفة وهي الإصلاح من خلال التعليم، والتأليف، وبث الوعي السياسي بخطورة الاستعمار ومخططاته، وضرورة محاربته والقضاء عليه.
وبذلك تمكن من تكوين جيل بمقدوره حمل لواء محاربة الاستعمار؛ لأن هذا الأخير تحصيل حاصل لضعف الأمة وجهل أفرادها، ولجوء الشيخ لتغيير استراتيجيته في المقاومة لا يعدّ ضعفا أو تراجعا، إنما ينم عن شخصية مفكر واع يستفيد من التجارب السالفة، وهو نفس النهج الذي سلكته فيما بعد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين -التي انضم إليها كبار المصلحين والمفكرين من منطقة مزاب ومنهم من كانوا تلاميذ الشيخ اطفيش- فرئيسها الثاني الشيخ محمد البشير الإبراهيمي (1889/ 1965م) يرى بأن تحرير الأجساد والبلاد لا بد أن يبدأ أولا بتحرير العقول (¬2).
ويعبر شاعر الثورة الجزائرية عن جليل الأعمال التي قام بها القطب في مقطع بإلياذة الجزائر يقول فيه:
طفيش سقياك قطب الأيمة ... ومن عاش بالفكر يصنع أمه ...
ومن شق بالعلم درب الحياه ... وصان لنبل الرسالات حرمه ...
ومن قطع العمر يغزو الكتاب ... ويفري الظلام ويلهب همّه ...
ودان له الحرف بالخالدات ... فأخلص للحرف عهدا وذمّه ...
وأنصف من خالفوه اجتهادا ... وصان عن الجدليات علمه
¬__________
(¬1) ابراهيم حاج موسى، نفسه، ص90.
(¬2) يراجع بحثنا: محمد بن ساعو: العلامة محمد البشير الإبراهيمي والثورة التحريرية، مجلة حروف للدراسات التاريخية، العدد 01، أوت 2014، ص96 - 104، ومنشور أيضا ملخص للمقال بجريدة البصائر، العدد 653 (20 - 26 ماي 2013)، ص15.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق