ومما تقدم يظهر أن الشيخ يجتهد في تفسير القرآن بالقرآن، فإن لم يجد يجتهد في تفسير الآية بالسنة النبوية أو بأقوال الصحابة والتابعين. إلا أنه مما يؤخذ عليه أنه يكثر من الاستشهاد بالأحاديث الضعيفة والموضوع، وخاصة فيما يتعلق بفضائل السور والآيات والقصص، كما أنه لا يعتني بتخريج الحديث.
ومما تجدر الإشارة بذكره هنا أن الشيخ قد أحس بخطورة الأمر، وفداحة الخطب، فتفطن إلى ذلك، فكان أكثر تمحيصا وتدقيقا للآثار حتى كاد أن يجرد تفسيره "التيسير" من الأحاديث الموضوعة، أما تخريجه للحديث فكان اهتمامه بذلك في "التيسير" واضحا جدا، فمثلا عند تفسيره لقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176]، يقول: «روي أن جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني كلالة فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت الآية»، في حين أنه يذكر هذا مخرجا في (التيسير).
المحور الثالث: الشيخ في عيون دارسيه
المبحث الأول: حياته العلمية:
يعد الشيخ –رحمه الله– عالما موسوعيا، اشتغل بالتدريس، والتأليف منذ صغره، له مئات المؤلفات في شتى فنون العلم، وصنوف المعرفة. نبغ في كثير من العلوم، ومما يروى عن ذكائه أنه لا يكاد يبدأ الكتاب في فن جديد على يد شيخ حتى يتمه بنفسه دون حضرة شيخه.
لقد اشتهر الشيخ عند الإباضية بالقطب (¬1)، وذلك لغزارة علمه، وسعة اطلاعه، وكثرة مؤلفاته، وقد أصبح هذا اللقب مقصورا عليه (¬2)، ويذكر شريفي أن الذي لقبه هو الإمام السالمي إذ يقول: «وأذكر مفسرين جليلين بين أيدينا الآن آثارهما:
الأول: الشيخ امحمد اطفيش، الذي لقبه العالم الجليل الشيخ عبد الله بن حميد السالمي العماني بقطب الأيمة حتى غلب عليه هذا اللقب، وجرى على ألسنتنا» (¬3). ومما يؤكد ما قاله
¬__________
(¬1) معناه سيد القوم، و قوام كل شيء و مدارة، موسوعة السلطان قابوس لأسماء العرب ج (4) ص (2189)
(¬2) اطفيش: الذهب الخالص ص (د)، جامع الشمل ج 1 ص (12)، السيرة الجامعة ص ج، أعوشت: قطب الأيمة ص (62)، دبوز: نهضة الجزائر ج 1 ص (290)، العدوي: الواقعية ص (17)، الهامش، الجعبيرى: البعد الحضاري ص (183) الهامش، البطاشي: كتاب غاية المأمول جميع الأجزاء على سبيل المثال ج 7 ص (93) و ما بعدها.
(¬3) شريفي: التفسير و مناهجه عند علماء الإباضية ص (10)، و كذلك جاء في معجم أعلام الإباضية ج 2 ص (405).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق