أنت موجود وهذا الكون الزاخر موجود يشهد بأن له خالقاً إذن: ربك ورب هذا الكون المسير له والمسيطر عليه المتصرف فيه لا شك موجود{1} قال تعالى:} أفي الله شك فاطر السموات والأرض{.إبراهيم (1)
-نشرت مجلة "المختار" المترجمة عن مجلة "ريدازيدايجست" عن شاب يحكي قصته يقول إنه نشأ في بيئة ليس فيها من يذكر اله لا في البيت ولا المدرسة فنشأ نشأة مثل نشأة الحيوانات التي لا تعرف إلا الأكل والشرب، ولكنه لما نزل أول مرة بالمظلة من الطائرة ورأى نفسه ساقطاً قبل أن تنفتح المظلة جعل يقول: "يا الله"، "يا رب" يدعو من قلبه، وهو يتعجب من أين جاء هذا الإيمان؟{2} إنها فطرة الله التي فطر الناس عليها.
والمسلم الصادق لا يكتفي في إيمانه بالتقليد الذي سرعان ما يزول وإنما يعتمد في إيمانه على الأدلة القاطعة التي تدحر كل زيف أو باطل.
الأدلة على وجود الله
كل مخلوق يدل على الخالق فأدلة وجود الله عددها بعدد خلقه، قال الشاعر:
للـــه في الآفــاق آيات لعـ ـل أقلها هو ما إليه هداكـا
ولعــل ما في النفس من آيـاتـه عجب عجاب لو ترى عيناكا
الأدلة العقلية:
1- العدم لا يخلق شيئاً:
فمن المستحيل أن يوجد فعل بدون فاعل، ومن المستحيل أن يفعل العدم شيئاً لأنه لا وجود للعدم.
2- الفعل مرآة لبعض قدرة فاعله وبعض صفاته:
إذا شاهدنا سيارة متحركة، تسير في الطرقات المعبدة تتحرك عن اللزوم، وتتوقف في المكان المعلوم، وتدور في المكان المعد للدوران عرفنا:
- أن سائق السيارة عاقل مفكر.
- أن له إرادة حكيمة أحكمت توجيه السيارة.
- وأن له علماً بطريقة قيادة السيارة.
- وأنه موجود فلولا وجوده لما تحركت السيارة تلك الحركات المنظمة الدقيقة.
{2} إلى الذي سأل أين الله، عبد الرحمن السنجري طبعة دار البشائر الإسلامي ص45.
إذن كل شيء في المصنوع أو الفعل يدل على قدرة وصفة عند الصانع أو الفاعل.
1- فاقد الشيء لا يعطيه:
إذا شاهدنا قتيلاً في الشارع فلا أحد منا يدعو لإلقاء القبض على حجرة بجوار القتيل بتهمة القتل لأنها لا تملك قدرة على الفعل.
- كما لا يزعم أحد أن حيوانا أطلق قمراً صناعياً يدور حول الأرض لأن الحيوان لا يملك القدرة على إطلاق ذلك القمر.
- إذن يحكم العقل حكماً جازماً بأن الذي لا يملك القدرة على الفعل لا يفعل شيئاً.
تطبيق الأدلة العقلية السابقة:
1- إذا طبقنا الأساس الأول -العدم لا يخلق شيئاً- وشاهدنا الكون وملايين الأحداث فيه جزمت عقولنا أن له فاعلاً موجوداً لأن العدم لا يخلق شيئاً. قال تعالى: } أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون {. الطور 35.
2- وإذا طبقنا الأساس الثاني (الفعل مرآة لبعض قدرة فاعله وبعض صفاته) وجدنا أن هذه الأفعال والأحداث التي تحدث في الكون:
- محكمة في نظامها تشهد أنها صنع حكيم.
- موجهة في سيرها تشهد أنها من صنع مريد.
- عظيمة في تكوينها تشهد أنها من صنع عظيم.
- خاضعة لنظام موحد تشهد أنها من صنع حاكم مهيمن.
3-وإذا طبقنا الأساس الثالث (فاقد الشيء لا يعطيه) نجد أنه: لا يوجد بين المخلوقات من يتصف بأنه الحكيم، العليم، الخبير، المريد، العظيم، الواحد، الحاكم، المهيمن، الموجود}1{
*إذن خالق الكون هو غير الكون المخلوق، هو الحكيم الخبير } هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم { الحشر4.
الأدلة النقلية:
إن الطريق الثاني لمعرفة الله هو ما جاءت به الرسل قال تعالى: } لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط{ الحديد 25، فما ساقه القرآن الكريم من الحجج على وجود الله لا يبقى ذرة شك على وجود الله وقدرته لمن أراد أن يحكم عقله ويتخلص من جاهليته العمياء وعبادة هواه.
بعض مدلولات صفات الله تعالى وقدرته.
1- الواحد:
يقدم الوجود شهادة بأنه من صنع الله وحده فأنت ترى أن غذاءك يتوقف على عمل المعدة والأمعاء ويقول الأطباء:
- إن عمل الأمعاء يتوقف على عمل الدماء.
- ويتوقف دور الدماء على الهواء وحركة التنفس.
- ويتوقف الهواء الصالح للتنفس على عمل النباتات.
- ويتوقف عمل النباتات على وجود الشمس.
- ووجود الشمس يتوقف على وجود الكواكب المحيطة بها والنجوم الأخرى.
وهكذا نرى أن كل شيء يعتمد في وجوده على غيره من الأشياء، كما رأينا أن المعدة مرتبطة بنجوم السماء وذلك يشهد أن الجميع من صنع رب واحد}1{.
قال تعالى: } لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عما يصفون{ .
2- الحكيم الخبير:
يقول العلم:
·إن الأرض تدور حول نفسها بسرعة معينة مكونة الليل والنهار للراحة والعمل، ولو نقصت سرعتها فأصبحت مائة ميل في الساعة لأصبح النهار 120ساعة فتحترق الزروع والثمار من ذلك النهار الطويل.
· ولو كانت قشرة الأرض أكثر سمكاً لما وجد الأكسجين في الهوء.
· ولو زادت نسبة الأكسجين عن 21% لعمت الحرائق وجه الأرض.
· ولو زادت نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء عما عليه لاختنقت الأحياء.
فما الذي يحفظ هذا التوازن المدهش أهي المصادفة؟ … إنه حكيم.
3- المريد:
· العلم الذي استطاع أن يصنع الطائرات وسفن الفضاء يبقى عاجزاً عن خلق حياة ولو لذبابة، لماذا؟ لأن الله اختص بخلق الحياة.
والعلم الذي استطاع أن يحدد حدوث الخسوف والكسوف بعشرات السنين بالتحديد الدقيق، نراه عاجزاً عن تحديد سقوط المطر ولو لأيام، لماذا؟
لان الله جعل حساب الشمس والقمر ممكناً عند خلقه قال تعالى: {والشمس والقمر بحسبان} الرحمن 4 ولكنه جعل وقت نزول المطر من مفاتح الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى كل شيء يمشي حسب ما رسمته إرادة الله.
غباء الملحدين
عندما تسأل الملحدين هل خلقت أعينكم لحكمة؟ يقولون: نعم، وهل الأذن لحكمة؟ يقولوا: نعم واليد لحكمة؟ يقولون: نعم، والرجل… وكل جزء لحكمة يقولون:نعم، وما الحكمة من الجزء؟ يقولوا خدمة الكل.
سؤال: والكل هذا خلق لحكمة؟ يقولون: لا، كيف؟ قالوا نجن خلقنا هكذا.. علاقات طبيعية وكيمائية تفاعلت وقذفت بنا في هذا الوجود.
هل الأطباء عندما يعالجون المرضى يعبثون؟ يقولون لا، من يقول هذا فهو من السفهاء، الأطباء يصلحون الخلل في قلوبكم وعيونكم إن اختلت.
نقول سبحان الله الأجزاء خلقت لحكمة والكل بزعمهم أنه خلق لغير حكمة وعلاج المريض ليس عبثاً لكن المريض وجد عبثاً فهو ينكر أن يكون خلق لحكمة ويثبت أن حتى نعلم الحكمة.
إذن هو حسب تفكيره أضعف من نعله{1}.
"تعالى الله الخالق عما يقولون علواً كبيراً"
قال تعالى } أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم { المؤمنون 115-116.
أبو حنيفة يحاجج الملحدين
قال الملحدون لأبي حنيفة: في أي سنة وجد ربك؟
قال: (الله موجود قبل التاريخ والأزمنة لا أول لوجوده).
قالوا: نريد منك إعطاءنا أمثلة من الواقع.
قال لهم: ماذا قبل الأربعة؟ قالوا: ثلاثة.
قال لهم: ماذا قبل الثلاثة؟ قالوا: اثنان.
قال لهم: ماذا قبل الاثنين؟ قالوا: واحد.
قال لهم: وما قبل الواحد؟ قالوا:لا شيء قبله.
قال لهم: إذاً كان الواحد الحسابي لا شيء قبله فكيف بالواحد الحقيقي وهو الله!. إنه قديم لا أول لوجوده.
قالوا: في أي جهة يتجه ربك؟ قال: لو أحضرتم مصباحاً في مكان مظلم إلى أي جهة يتجه النور؟ قالوا: في كل مكان. قال: إذا كان هذا النور الصناعي فكيف بنور السموات والأرض.
قالوا: عرفنا شيئاً عن ذات ربك؟ أهي صلبة كالحديد أو سائلة كالماء ؟ أم غازية كالدخان والبخار؟ فقال: هل جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير؟ قالوا: جلسنا، قال: هل كلمكم بعدما أسكته الموت؟ قالوا: لا. قال: هل كان قبل الموت يتكلم ويتحرك؟ قالوا: نعم. قال: ما الذي غيره؟ قالوا: خروج روحه. قال: أخرجت روحه؟ قالوا: نعم. قال: صفوا لي هذه الروح.هل هي صلبة كالحديد؟ أو سائلة كالماء؟ أم غازية كالدخان والبخار؟ قالوا: لا نعرف شيئاً عنها. قال: إذا كانت الروح المخلوقة لا يمكنكم الوصول إلى كنهها فكيف تريدون من أن أصف لكم الذات العلية{1}.
{1} إلى الذي سأل أين الله، عبد الرحمن السخري، ص97.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق