علماء ومشايخ الإباضية بميزاب
كان وادي ميزاب يفد إليه من مختلف المدن الإسلامية علماء إجلاء في كل عصر وفدوا إليه من تيهرت بعد انقراض الدولة الرستمية ومن أنحاء ليبيا من جبل نفوسة ودرنة وفساطو وغيرها ومن جربة ونفطة والحامة والجريد بتونس ومن المدية وقصر البخاري وعمور والمنيعة واورجلان وسدراته وواد أريغ وتوقرت وغيرها بالجزائر لتشر العلم والتدريس في المعاهد العلمية والمساجد العامرة والدور العامة والدعوة إلى الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح والى التمسك بسير العزابة ونظمها وتحملوا مسؤولية الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح ذات البين والسهر على مافية صلاح وسعادة المجتمع في الداريين احتسابا لوجه الله الكريم ورجاء لما عنده من نعيم مقيم يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم.
فالمشيخة بميزاب هي السلطة الحاكمة في البلاد معززة برؤساء العشائر وأعيانها ذلك عبر عصور طويلة أي منذ نشأة نظام العزابة بها إلى ان نالت الجزائر كرامة استقلالها فأصبحت سلطات حلقة العزابة لا تتجاوز حدودا تكفل للأمة سعادتها وحصانتها الدينية والخلقية كما تكفل للدولة أمنها وراحتها.
فهذه المشيخة قد تنال غالبا بانتخاب الأمة واختيارها لذوي الكفاآت فإذا وجد في عصر واحد في مدينة واحدة علماء أكفاء متعددون قد يقع الاختيار على صاحب الشخصية القوية والصرامة في الحق على غيره من العلماء المتضلعين في فقه الشريعة كما قد يقع الاختيار على المغمور القليل البضاعة اضطرار لعدم وجود من هو اعلم منه في المدينة لان هيآت العزابة مجالس لا يرقى إليها من هو في مستوى العلماء الأكفاء فحسب بل ينخرط فيها من يحسن فقط القيام ببعض وظائف الدين من الآذان والإمامة في الصلاة ووكالة المسجد للأحباس وتجهيز الموتى وما إلى ذلك مع مراعاة التقي والصلاح في الدرجة الأولى لأنه قدوة في الأمة.
كانت كل مدينة من مدن ميزاب السبع لا تخلو في عصر من عالم أو علماء منذ نزوح الاباضية إليها في أواخر القرن الرابع الهجري بحيث لا تستقر الزعامة العلمية في مدينة دون أخرى بل تتنقل حسب كفاآت العلماء وتضلعهم في فقه الشريعة وحسب علو المستوى في التوعية والتوجيه وقوة الشخصية والإرادة والعزم.
فالكثير من علمائها الوافدين إليها والمتخرجين منهم في تسلسل عجيب وإنجاب مطرد مع الزمن يستخلف الخلف منهم السلف بالإخلاص والتفاني في الله في المهام المنوطة به في الإمامة والتدريس والإفتاء والقضاء والتأليف والقيادة السياسية والدينية والاجتماعية بدون أجر أو تطلع إلى محمدة احتسابا لله جل وعلا.
كم من مكتبات عامرة بنفائس الكتب تركوا وكم من مساجد الله أسسوا ومعاهد للعلم شيدوا وكم من علماء فطاحل عبقريين خرجوا وكم من كتب التفسير والحديث والشريعة وفي مختلف العلوم والفنون صنفوا وألفوا جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين والوطن خيرا كثيرا.
ان مما يجمل الاحتفاء به في هذا الصدد تسجيل بعض المشايخ ممن تقلد المشيخة في المسجد الجامع في كل مدينة من مدن وادي ميزاب ووارجلان وسدراته مع مراعاة الاعتبارات السالفة وبقطع النظر عن وجود علماء أكفاء معاصرين لهم أو متفوقين عليهم من الذين يؤدون واجباتهم نحو الأمة خارج المسجد من الوعظ والإرشاد والتدريس والإفتاء والآمر والنهي في الدور العمة والمدارس الحرة ومن الأجدر تسجيل هؤلاء لو استطعت التعرف عليهم في كل مدينة لان فائدتهم في المجتمع قد تكون اشمل واكمل حسب إقبال الجمهور ذلك في إيجاز اعتقد انه مخل وناقص في حقهم والسبب راجع إلى آمرين معتبرين عند المؤرخ المتحري في النقل الأمانة والصحة والحقيقة قدر الإمكان بدون تعسف ولا إجحاف.
الأول قلة المراجع الموثوق بها المطبوعة منها والمخطوطة فما وجد منها لا يخلو من تعسف وإخلال بالعناصر المعتمد عليها في التاريخ فهو لا يتجاوز ذكر الشيخ ووصوله إلى ميزاب واستخلاف غيره وموته رغم التزام الدقة في التسجيل أحيانا باليوم والسنة الهجرية والميلادية وإهمال ذلك أحيانا أخرى.
الثانية إهمال الوثائق التاريخية وإغلاق الخزائن عليها والبخل عن الاستفادة منها غمطا لحقوق علمائنا وغمصا لجهادهم في ميادين العمل والعلم وإصلاح المجتمع حتى إذا ما مات صاحبها تحمل وترمى في الآبار المجهورة المعطلة أو تحرق مع القش والنفايات.
بناء على ما ذكر فإني بذكر أسماء بعض المشايخ والتاريخ وصولهم في ميزاب وذكر شيء من التراجم لبعضهم وما عرف عنهم بدون استقصاء متحريا أمانة النقل والصحة قدر الإمكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق