بينما ذهب جمهور الأمة إلى أن حديث الآحاد حجة يجب العمل به إذا استوفى شروط القبول التي سنذكرها فيما بعد، غير أنهم اختلفوا فيما يكون حديث الآحاد حجة فيه، فذهب الأكثرون إلى أنه حجة في الأمور العملية (العبادات والمعاملات) دون الأمور العلمية (المعتقدات)، أو بعبارة أخرى، أن حديث الآحاد يوجب العمل ولا يفيد العلم، ذلك لأن حجيته ظنية وليست قطعية، بمعنى أنه يغلب في الظن أنه صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا يمكننا القطع بذلك لاحتمال الخطأ أو السهو أو النسيان أو غير ذلك، ولغلبة الظن هذه فإنه يجب علينا العمل بمقتضى الحديث، لأن الأمور العملية يؤخذ فيها بالظن، وأما الأمور الاعتقادية فلا تبنى إلا على اليقين الجازم، ولهذا فلا يمكن أن يكون حديث الآحاد حجة فيها.
وبهذا القول أخذ الإباضية(40)، وإليه ذهب فخر الإسلام البزدوي( 41) وعلاء الدين البخاري(42)، قال: "وهو مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء"(43).
وكذلك رجحه ابن قدامة الحنبلي(44) قال: "وهو قول الأكثرين والمتأخرين من أصحابنا"(45) وقال ابن عبد البر(46): "واختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد العدل، هل يوجب العلم والعمل جميعاً، أم يوجب العمل دون العلم؟، والذي عليه أكثر أهل العلم منهم أنه يوجب العمل دون العلم، وهو قول الشافعي(47) وجمهور أهل الفقه والنظر ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله، وقطع العذر بمجيئه قطعاً ولا خلاف فيه" ثم قال: "الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم، كشهادة الشاهدين والأربعة سواء، وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والنظر"(48)، وقال النووي( 49): "واختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها، ويفيد الظن ولا يفيد العلم"(50).
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
8 رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة) الصفحة
التصنيف:
# رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
عن MaKtAbA
رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق