بينما ذهب آخرون إلى عدم التفريق بين الأمور العملية والأمور الاعتقادية، فأوجبوا الأخذ بحديث الآحاد في كل منها، وإلى هذا القول ذهب ابن حزم(51) وحكاه(52) عن الحسين الكرابيسي(53) والحارث المحاسبي(54)، وقال ابن قدامة: "وهو قول جماعة من أصحاب الحديث وأهل الظاهر"(55) وكذلك نسبه البزدوي(56) إلى بعض أهل الحديث.
ونرى هنا أن الإباضية قد سلكوا في هذه القضية مسلك التوسط بين الإفراط والتفريط، فلم يذهب بهم الإفراط إلى قبول حديث الآحاد في الأمور التي لا يؤخذ فيها إلا باليقين، كما لم يدفعهم التفريط إلى رفض الاعتماد عليه أصلاً، بل جعلوه حجة في الأمور العملية التي يمكن الأخذ فيها بغلبة الظن، ولم يأخذوا به في أمور العقيدة التي لا تبنى إلا على اليقين.
وأما تقسيم الحديث من حيث القبول والرد، فإنه ينقسم باعتبار ذلك إلى ثلاثة أنواع: صحيح وحسن وضعيف.
أما الحديث الصحيح فقد عرفه الإمام القطب بقوله: "ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم من شذوذ وعلة"(57) ثم شرح تعريفه هذا بقوله: "ونعني بالمتصل ما لم يكن مقطوعاً(58) بأي وجه كان، وبالعدل من ظهرت عدالته ولم يكن مجرحاً، وهو المؤتمن على الأمانات، ولا يعرف مصراً على بعض الأحداث، المسارع إلى الخيرات، المجانب للشبهات، المأمون على ما تحمل من الشهادات، وبالضابط من يكون حافظاً متيقظاً، وبالشذوذ ما يرويه الثقة مخالفاً لرواية الناس، والثقة هو المأمون على ما حمل من الشهادة، وفي صدقه فيما حدث به، ويفي بما عاهد فيه، ويؤدي أمانته، وينصف من نفسه إذا عامل، وينقطع إلى الخيرات، ويجتنب الشبهات، وبالعلة ما فيه أسباب خفية غامضة قادحة، وتتفاوت درجات الصحيح قوة وضعفاً بحسب قوة شروطه وضعفها"(59).
وبهذا نعرف أن شروط الحديث الصحيح عند الإباضية خمسة وهي: اتصال السند، عدالة الرواة، ضبط الرواة، السلامة من الشذوذ، السلامة من العلة، وهي مطابقة مع ما ذكره علماء مصطلح الحديث.
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
9 رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة) الصفحة
التصنيف:
# رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
عن MaKtAbA
رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق