ومما يلتحق بالكلام عن الحديث الصحيح مسألة (زيادة الثقة) هل هي مقبولة أم لا؟ فقد اختلف العلماء فيها إلى أقوال، وقال بعضهم بقبولها مطلقاً ونسبه النووي إلى الجمهور من الفقهاء والمحدثين(60)، وإلى هذا القول ذهب ابن بركة(61) من الإباضية، بينما اشترط الإمام السالمي في قبولها أن لا يقوم دليل يقتضي غفلة الراوي، واحتج لذلك بأن "المعتبر في قبول الرواية العدالة، فإذا كان العدل يجب قبول خبره لعدالته، وجب قبول زيادته أيضاً لأن الزيادة مع المزيد عليه بمنزلة خبرين ولو روى واحد خبرين وروى غيره أحدهما قُبِلت روايته الخبرين بالاتفاق كذلك هذا، ولأن الزيادة يتعلق بها حكم ورواية الثقة كالخبر المبتدأ"(62).
وأما الحديث الحسن فقد عرفه العلماء بتعاريف متعددة، ذكر الإمام القطب عدداً منها ثم قال: "ولو قيل: الحسن هو مسند من قرب من درجة الثقة أو مرسل ثقة، وروي كلاهما من غير وجه، وسلم عن شذوذ وعلة، لكان أجمع الحدود وأضبطها وأبعدها عن التعقيد"(63).
فالحديث الحسن عنده إما أن يكون متصلاً إلا أن في سنده راوياً لم يبلغ أعلى درجات التوثيق وإما أن يكون من مراسيل الثقات، ولكنه اشترط لكلا النوعين أن يروى من وجه آخر وأن يسلم من الشذوذ والعلة، والظاهر أنه لا يشترط أن يكون الحديث الذي يعتضد عليه الحديث الحسن صحيحاً بل يمكن أن يكون هو الآخر حسناً، ولذلك قال فيما بعد: "والحسن إذا روي من وجه آخر ترقى من الحسن إلى الصحيح لقوته من الجهتين فيعتضد أحدهما بالآخر، ونعني بالترقي أنه يلحق في القوة بالصحيح لا أنه عينه"(64).
وهذا التعريف للحسن موافق لتعريف الترمذي(65) له في كتابه العلل حيث قال: "وما ذكرنا في هذا الكتاب (يعني السنن): حديث حسن، فإنما أردنا به (حسن)(66) إسناده عندنا، كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً ويروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن"(67).
Post Top Ad
الأربعاء، 17 فبراير 2021
الرئيسية
رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
10 رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة) الصفحة
10 رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة) الصفحة
التصنيف:
# رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
عن MaKtAbA
رواية الحديث عند الإباضية (دراسة مقارنة)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق