في موضع آخر بالمزوّر الذي لا يقبل لأنه وقف على من وضعه، وأنه (¬1) يعرف أيضا بإقرار واضعه أو بركاكة لفظه وما أشبه ذلك (¬2)، وفيه تكرار لبعض كلامه السابق.
المبحث الثالث: الحديث بين حدي القبول والرد المرسل.
في هذا المبحث نتوقف عند نظرة خاصة للقطب، مشاركا غيره من الفقهاء في قبول بعض أنواع من الحديث يميل كثير من المحدثين إلى عدم اعتبارهما مقبولة لأي نوع من الاحتجاج، وإن وجد عند طائفة من المحدثين إلى اعتماد بعضها كما سنبين.
وقد سبق بيان أن هناك فارقا جليا يلاحظه الدارس بين التنظير لشروط الحديث الصحيح أو المقبول بين تجلي اختلافات العلماء على بعض أنواع من الحديث كالمرسل أو الشاذ أو حتى المعضل وغير ذلك.
هذا ولقد كان المحدثون والفقهاء على خلاف في منهج التصحيح والتضعيف، وممن كشف النقاب عن هذه المسألة أبو عبد الله الحاكم وابن دقيق العيد، فقد ذكر الحاكم أن من أقسام الحديث الصحيح المختلف في صحته خبرا يرويه ثقة من الثقات، عن إمام من أئمة المسلمين يسنده، ثم يرويه عنه جماعة من الثقات فيرسلونه، قال الحاكم: «وهو صحيح على مذهب الفقهاء، والقول فيه عندهم قول من زاد في الإسناد أو المتن إذا كان ثقة، وأما أهل الحديث فالقول عندهم قول الجمهور، الذين وقفوه أو أرسلوه لما يخشى من الوهم على الواحد» (¬3).
وقد كشف ابن دقيق العيد جانبا آخر من المسألة، فنقل عن الفقهاء أنهم لا يشترطون في صحة الحديث سلامته من الشذوذ والعلة كالمحدّثين، وذلك لأن كثيرا من العلل التي يعلل بها المحدّثون لا تجري على أصول الفقهاء (¬4)، على أن الكثير من المحدّثين لا يقبلون منهج الفقهاء، والعكس كذلك.
ونجد ابن دقيق العيد وهو محدّث وفقيه في كتابه "الإلمام" يشترط على نفسه، ألا يورد إلا ما كان حديثا صحيحا على طريقة أهل الحديث الحفّاظ، أو أئمة الفقه النّظار، ويقول بعد بيان اختلاف الطريقتين: «فإن لكّلٍ مغزى قصده وسلكه، وطريقا أعرض عنه وتركه، وفي
¬__________
(¬1) ذكر ابن القيّم جملة ضوابط يعرف بها الحديث الموضوع في كتاب نقد المنقول، منها ما يتعلق بتضلع الناقد وسعة علمه، ومنها ما يتعلّق بالحسّ وتكذيبه للموضوع، ومنها مناقضة الموضوع للسنة الصحيحة أو مصادمته للقرآن، ومنها أنه لا يشبه كلام الأنبياء، وغير ذلك، كما أنّه أورد نماذج وأمثلة للموضوع. ر: الزرعي ابن القيم أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب (751/ 1351)، نقد المنقول، تح: حسن السماعي السويدان، ط1، دار القادري، بيروت، لبنان، 1411هـ، 1991م، 1/ 32، 41، 48،53، 68.
(¬2) م. س، ص426.
(¬3) الجزري ابن الأثير أبو السعادات مبارك بن محمد (606/ 1210)، جامع الأصول من أحاديث الرسول، تصحيح محمد حامد الفقي، ط1، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، 1368هـ، 1948م، 1/ 99.
(¬4) القشيري ابن دقيق العيد أبو الفتح محمد بن علي بن وهب (702/ 1302)، الإلمام في أحاديث الأحكام، مراجعة محمد المولوي، ط1، مطبعة دار الفكر، دمشق، 1388هـ، 1963م، ص2.
Post Top Ad
الأحد، 7 مارس 2021
الرئيسية
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
103 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
103 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
التصنيف:
# دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
عن MaKtAbA
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق