ويكثر في كتبه الفقهية تعليقه بأنه حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِه (¬1)؛ غير أننا نجد القطب يستشهد بالحديث الضعيف في الرغائب وفضائل الأعمال؛ فهو يميل إلى جواز العمل بالضعيف وروايته في الفضائل بشرط أن لا يكون موضوعا (¬2)، ومن المعلوم أن القطب ليس بدعا في العلماء في استعمال الضعيف في الرغائب، فهذا القول قول أبي عبيدة مسلم من الإباضية وغيره؛ يقول أبو عبيدة: «قال: من بلغه حديث في الرغائب والفضل في العمل، واجتهد فيه؛ فإن كان الحديث كما بلغه كان له أجران، وإن كان الحديث على غير ما بلغه كان له أجره على نحو ما بلغه، لأن الله لا يضيع أجر المحسنين فلا يذهب أجر اجتهاده في بدعة» (¬3)؛ بل إن القطب عزاه لبعض العلماء دون تحديد من هم، فلعله اطلع على قول بعض علماء المذهب في ذلك، لكنّه أكّد على منعه وعدم جوازه في أحكام الحلال والحرام (¬4).
وهذه المسألة اختلف فيها علماء الحديث بين مانع ومرخص أو مرخص بشروط (¬5).
الخاتمة:
في نهاية بحثنا هذا لنا أن نتأمل عددا من النتائج أهمها:
- أظهر البحث جانبا أصيلا من عناية الإمام القطب اطفيش بالحديث وأنواعه المقبول منها والمردود.
- بدى القطب في هذا الجانب عالما متمكنا راسخ القدم مطلعا على هذا الفن بشكل واسع دقيق.
- جمع القطب في فن الحديث بين الفقيه والمحدث معا، وربما مال للفقيه المحقق في تجليات أحوال كثيرة كما أظهر البحث.
- نجد لدى القطب تفصيلات في بعض موضوعات تقسيمات الحديث لا نراها عند غيره كتفصيله في شروط التواتر.
¬__________
(¬1) اطفيش، شرح النيل، 12/ 555، وأنظر أيضا: 1/ 321، 1/ 398، 2/ 50، .... الخ.
(¬2) القنوبي، مقدمات في علوم الحديث، ص20.
(¬3) أبو عبيدة، مسائل أبي عبيدة، (مخ)، 5.
(¬4) اطفيش، وفاء الضمانة، 1/ 11.
(¬5) يمكن القول إن علماء الحديث اختلفوا في هذه المسألة إلى أقوال أهمها:
الأول: عدم الاحتجاج بالضعيف مطلقا، ونقل هذا القول عن يحيى بن معين، نسبه إليه ابن سيد الناس اليعمري في عيون الأثر، كما أنه قول البخاري ومسلم، وصرح به أبو إسحاق الجوزجاني في أحوال الرجال، وذهب إليه ابن حزم الظاهري وأبو بكر بن العربي وغيرهما. ر: الجوزجاني، أحوال الرجال، 1/ 33، ابن سيد الناس، عيون الأثر، 1/ 65، السيوطي، تدريب الراوي.
الثاني: العمل به مطلقاً، قال السيوطي في موضع من كتابه: «وقيل يعمل به مطلقا وتقدم عزو ذلك إلى أبي داود وأحمد وأنهما يريان ذلك أقوى من رأي الرجال». ر: السيوطي، تدريب الراوي، 1/ 299.
الثالث يعمل به بشرط أن لا يرد خلافه، وقد ذكر ابن رجب الحنبلي أن أحمد بن حنبل حين ذهب إلى الاحتجاج بالمرسل بنى احتجاجه على قاعدة معروفة عنه وهي العمل بالحديث الضعيف ما لم يرد خلافه، وهذا القول عزي أيضا إلى أبي داود، ومرجع ذلك أنّ أبا داود وأحمد يريان الضعيف أقوى من رأي الرجال. القاسمي، قواعد التحديث، 1/ 113 - 114،
الرابع: يعمل به في الفضائل بشروط، وهو القول المعتمد عند عدد من الأيمة، نسب إلى عبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك، وحكاه الحاكم عن أبي زكريا العنبري، ونقل عن أحمد ما يدل عليه، ر: اللكنوي، الأجوبة الفاضلة، السيوطي، تدريب الراوي، 1/ 298.
Post Top Ad
الأحد، 7 مارس 2021
الرئيسية
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
107 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
107 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة
التصنيف:
# دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
عن MaKtAbA
دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
Post Top Ad
عن المحرر
مرحبا! أنا أسمي محمد أعمل هنا في مدونتي وأشارك معكم كل جديد على الانترنت لتعم الفائدة على الجميع وإثراء المحتوى العربي، يسرني دائمًا تلقي ملاحظاتكم وإستفساراتكم من خلال نموذج الأتصال :)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق