- ومن السنة: استدل بحديث معاذ لما بعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال له: (كيف تقضي إذا غلبك قضاء؟) قال: «أقضي بكتاب الله»، قال: (فإن لم تجد في كتاب الله)، قال: «بسنة رسول الله»، قال: (فإن لم تجد)، قال: «أجتهد رأيي ولا آلو»، فضرب صدره، وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله). (¬1)
وكذا بحديث المرأة الخثعمية التي سألت الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أبيها وقد لزمه الحج وهو كبير فقال لها: (أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكنت قاضية عنه؟) قالت: «نعم»، قال: (فدين الله أحق). (¬2) ففتح الرسول لها باب القياس وعلمها إياه.
- ومن آثار الصحابة: استدل بما روي عن عمر بن الخطاب أنه بعث إلى أبي موسى الأشعري: «أن قس الأمور وانظر الأشباه ولا يمنعك قضاء قضيته أمس». (¬3) كما عمل كثير من الصحابة بالقياس وشاع بينهم ذلك وتكرر دون إنكار الباقين.
وحمل الآثار الواردة عن بعض الصحابة في تشديد النكير على القائس على «من يقيس مع ورود الأحاديث جاهلا بها أما من يبذل مجهوده فإذا لم يجد نصا قاس فلا بأس عليه». (¬4)
وتعرض القطب في هذا الباب إلى مسألة قياس الفرع على الفرع؛ فعرّف الفرع أولا بأنه: «مالم يعلم حكمه، وهو المقيس على الأصل الذي علم حكمه من الكتاب أو السنة أو الإجماع». ثم نسب إلى ابن بركة القول بجواز قياس فرع على فرع. كقياس ذرق الطير الأهلي المأكول على ذرق الدجاج الأهلي لاستواء العلة. (¬5)
2 - الباب السادس:
خصصه القطب للحديث عن بعض مسائل الاجتهاد والفتيا، ومن ذلك:
1 - يرى القطب أن الواحد حجة في فتياه على أهل الأرض إذا كان الحق معه، واستشهد لذلك بما يأتي (¬6):
¬__________
(¬1) - أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي، ينظر: أبو داود: السنن، باب اجتهاد الرأي في القضاء، رقم: 3592، ج3/ص303. أحمد: المسند، 2001م، باب: حديث معاد بن جبل، رقم: 22007، ج36/ص333. الترمذي: السنن، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي، رقم: 1327، ج3/ص9.
(¬2) -هذا الحديث ذكره ابن بركة بلفظه في جامعه، وأخرجه الربيع في مسنده عن ابن عباس بلفظ قريب وفيه «فذاك ذاك» بدل "فدين الله أحق" ينظر ابن بركة، الجامع، ج1/ص112 - 113، 152، الربيع: المسند، باب: في فرض الحج، رقم: 392، ص104.
(¬3) - اختلفت ألفاظ الرسالة التي بعثها عمر لأبي موسى الأشعري، ينظر: الزيلعي: نصب الراية، 1997م، ج4/ص63.
(¬4) - القطب: الشامل، 2007م، ج1/ص10.
(¬5) - القطب: الشامل، 2007م، ج1/ص11.
(¬6) - المصدر نفسه، ج1/ص12.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق