139 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة

وظلّ أمر النظر إلى المآل غير مهتم به، إلى أن جاء الشاطبي مجدِّد علم المقاصد وواضع اسمه، فاهتمّ بالموضوع وخصّه بالدراسة فكشف عنه وعن أهميته في المقاصد في الأحكام، فجعله قاعدة من قواعد المقاصد التي يتفرّع عنها كثير من القواعد والخطط الاجتهادية التشريعية لإعمالها؛ كقاعدة الاستحسان، وقاعدة سدِّ الذرائع، وقاعدة مراعاة الخلاف وغيرها، ورغم أنّ الشاطبي من السباقين إلى هذا الموضوع -النظر إلى المآل- إلاّ أنّ الباحثلم يجد له تعريفا محدّدا للمصطلح اكتفاء منه بوضوح دلالته اللغوية وظهور مقتضاه العلمي، فنجده يقول: «النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأعمال موافقة، أو مخالفة وذلك أنّ المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين، بالإقدام أو الإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل ... ». (¬1)
ومن خلال تعريف النظر الاجتهادي وتعريف المآل نستطيع أن نصل إلى تعريف لمصطلح «النظر إلى المآل» كمركب إضافيّ فأقول: هو «ملاحظة المجتهد لأفعال المكلّفين ونتائج تصرفاتهم الواقعة والمتوقّعة وتكييف الحكم عليها بناءً على تلك النتائج تحت ضوء مقاصد الشريعة الإسلامية».
فالتعريف أظهر القائم بهذا النظر وهو المجتهد المتخصِّص،.
وأظهر شمول كلّ المآلات في التصرفات الواقعة والمتوقّعة،.
وأظهر الوسيلة لذلك وهي تكييف الحكم،.
وكما أظهر الإطار الذي يُكيَّف فيه الحكم وهو مقاصد الشريعة.
خامسا - شرح قاعدة النظر إلى المآل:
يقول الشاطبي: «النظر في مآلات الأفعال مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة».
هذه القاعدة المقصدية قرّرها الشاطبي لتكون قاعدة من القواعد الاجتهادية العملية لنظرية المقاصد، ومن مقاصد الشارع أن يكون قصد المكلَّف موافقا لقصد الشارع في تشريعه للأحكام، ذلك أنّ الأحكام مشروعة لمصالح العباد، فهي بذلك مغياة بمقاصد الشريعة
¬__________
(¬1) - الشاطبي: الموافقات، 4/ 194.