182 دروس مستفادة من حياة العلاَّمة اطفيش القطب الجزائري الصفحة

الشيعة: إن موقف القطب من الشيعة يخالف أحيانا موقفه من الأشاعرة، فهو حريص على تعقب آرائهم في مواطن كثيرة، وهو شديد في الوقوف معهم، وإبطال تأويلاتهم التي تخالف ما ذهب إليه، من ذلك حكم الشيعة بالردة على من لم يبايع عليا بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال في شأنهم: « ... ولم أر أحدا أقرب إلى الشرك من الشيعة» (50).
وقد صعّد الشيخ في خطابه تجاه الشيعة نتيجة إفراطهم في تأليه علي، وعطفهم على اليهود والنصارى بقوله: « ... قالت اليهود عزير ابن الله، وقالت النصارى عيسى ابن الله .. أفرطت النصارى في حب عيسى حتى اتخذوه إلها، وأفرطت اليهود في حب عزيز حتى اتخذوه إلها، وأفرطت الشيعة في حب علي حتى ادعى له أوائلهم الألوهية، وتلوهم النبوة، ومن بعدهم الإمامة قبل غيره، وأنكروا غيره ... » (51).
كما نبه الشيخ وحذّر من رواية أحاديثهم قائلا: «وإذا جاءك حديث من أهل البيت وفي سنده شيعي فخذ حذرك فإنهم يكذبون» (52).
وفي مواضع أخرى سماهم روافض، فعند التعرض لتفسير الآية 7 من سورة الشرح: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} قال: «إن بعض الرافضة -قبّحهم الله– قرأ "فانصب" بكسر الصاد، وأراد نصب عليا للإمامة» (53).
والمدقق في حديث الشيخ عن الشيعة لا يجد أثرا لتصنيفهم بين الاعتدال والتطرف، وإنما وقع الحديث عنهم كزمرة واحدة، ولعل لذلك مبرره، خاصة أن الحديث عن العقائد وكل المسائل الإيمانية يعدّ أمرا شائكا ومخالفا لما درجت عليه أغلب الفرق الإسلامية.
المطلب الثاني:
المعتزلة: اعتبر الشيخ المعتزلة فرقة كثيرة التأويل، لذلك كانت ردوده عليها شديدة إلى درجة التهكم أحيانا (54)، ناعتا إياهم في مواطن أخرى بأنهم أخوان الشياطين، خاصة عند حديثهم عن التحسين والتقبيح العقليين، حيث انتقدهم بشدة في أن العقل يحكم بالوجوب ولو بغير نبي (55)، أما إذا وافق رأيهم رأي الإباضية فإنه لا يرى مانعا من الاستشهاد بذلك