والمتتبع لرأي الشيخ يجد كثيرا من الإشارات الصريحة عند شرح الآيات، سواء في تفسير التفسير أو هميان الزاد، تبرز رأيه صراحة في فكر المعتزلة، وخاصة ما تلعق منه بأفعال العباد والحسن والقبح والوعد والوعيد، وهي مواضيع للشيخ فيها رأي ومقال.
الصوفية: وقف القطب من الصوفية موقفا واضحا سمته الهجوم عليهم، وردّ كل تفاسيرهم التي تخالف الظاهر، وليس لها شبهة أو دليل معتبر أو برهان، حيث يقول: «وأنا أعوذ بالله من تفسير الصوفية» (57)، واستشهد تفسير الصوفية لقوله تعالى: {يَآ أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 01] بأنهم يقولون أن المدثر هو الغائب في غار حراء، أو في ثيابه، أو في صورة عن الحقيقة المحمدية أو عن أنظار الخلق، فلا يعرف حقيقته إلا الله تعالى، فقال: «والقولان للمتشدقين الصوفية. قبّحهم الله عز وجل، يغيرون القرآن عن ظواهره إلى ما هو خارج عن معناه، وحقيقته يعلمها الله تعالى وحده» (58)، وذكر في موضع آخر بقوله: «ولا أرى شيئا من طريق الصوفية صحيحا إلا ما وافق القرآن والسنة، ولم يوقع في إيهام وإلباس» (59).
وعلى كل فإن الشيخ اشترط في التفسير الصوفي عدة شروط أهمها: أن لا يخالف ظاهر القرآن، وأن لا يكون متكلفا، ولا يخالف أسلوب اللغة العربية. فإذا لم تتحقق هذه الشروط فإنه لا يقبل منه شيئا، ولا يعذر من يفسّر به، ولا تقبل شهادته، ويتقرب إلى الله ببغضه والبراءة منه.
وورد رأيه واضحا في تفسير قوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [البقرة: 3] بقوله: «وليس تفسير الصوفية عندي مقبولا إذا خالف الظّاهر، وكان تكلفا أو خالف أسلوب العربية، ولا أعذر من يفسّر به، ولا أقبل شهادته، وأتقرب إلى الله ببغضه والبراءة منه» (60).
وكخلاصة لأراء الشيخ في تفسير الصوفية أرى أنه منتصر للمذهب الإباضي انتصارا معقولا لم يخالف فيه حدود المنهجية العلمية في التفسير، والمصادر المتفق عليها من قبل علماء المسلمين، دون أن نغفل ما تعرض له المذهب الإباضي من طعن و تجريح على امتداد التاريخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق