ومن بين الحوادث كذلك ما وقع سنة 1906م في بني يسجن عندما زار أحد الفرنسيين مسجد بني يسجن وصعد إلى صومعته، فكانت ردة فعل القطب غاضبة بسبب هذا التصرف اللاأخلاقي المستفز لأهالي بني يسجن، كما أنه قدّم شكوى على شكل رسالة إلى الحاكم الفرنسي العام في العاصمة الجزائرية مندّدا بعدم احترام بعض الأوروبيين لخصوصية المجتمع الجزائري وخاصة عدم احترام حرمة البيوت، لأنه من أعلى الصومعة يمكن رؤية النساء في بيوتهن (¬2)، أما موقفه العلمي من هذه الإشكالية فيمكن قراءته ضمن تفسيره للآية الكريمة (28) من سورة التوبة بعدم إجازة دخول المشرك إلى مساجد المسلمين إلا إذا كانت هناك حاجة ضرورية، يقول: «والمذهب أنه لا يجوز لغير المسلم أن يُؤذن له في دخول مسجدنا أو مسجد قومنا، ولا يحلّ أن نتركهم في مسجدنا ولا مسجد قومنا» (¬3)، كما أنه يقدم لنا ثلاثة أدلة من السنة النبوية الشريفة نذكر منها حديثين؛ حيث أوصى سيد الخلق بالوصية التالية: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (¬4)، كما أنه قال كذلك: «لا يجتمع دينان في جزيرة العرب» (¬5).
وهناك العديد من الأمثلة لمواقف اطفيش الشُّجاعة ضد الإدارة الاستعمارية مثل "قضية التصلية" ومراقبة اطفيش من طرف المخابرات الفرنسية والتي لا يسع المجال هنا لذكرها (¬6)، إلا أن هناك قضية أخرى تشير إليها التقارير العسكرية الفرنسية والتي تؤكد أن اطفيش كانت له علاقة قوية مع أحد طلبته الليبيين الملقب بـ"الباشا" (¬7)، وهو "سليمان بن عبد الله بن يحيى الباروني (1870م-1940م) "، والذي كان أحد رموز الثورة الليبية، ففي سنة 1907م زار الباروني وادي ميزاب والتقى باطفيش، حيث ساعده بالمال من أجل
¬__________
(¬1) Ebd., S. 26.
(¬2) انظر الملحق الأول في آخر المقال.
Aix-en-Provence (AOM): Dossier 22H12.
(¬3) اطفيش: تيسير التفسير، ج5، ص 434.
(¬4) رواه مالك في كتاب الجامع من الموطأ، رقم 1388، من حديث بن شهاب.
(¬5) رواه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة، رقم 5030، الترميذي في البر والصلة، رقم 1860.
(¬6) Ourghi, 2008, S. 302 ff.
(¬7) M. H. Custers: al-Ibadiyya. A bibliography, Bd. 2, Maastricht 2006, S. 279f.;
ders.: Ibadi Publishing Activities in the East and in the West, c. 1880 - 1960s, Maastricht 2006, S. 5ff.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق