وعلى النوع الثاني ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122]، فقد أورد حديثا ليس صريحا في تفسير الآية، ولكنه شاهد على المعنى إذ يقول: «أخرج الترمذي (¬3) عن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه– عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه). (¬4)
ثالثا: تقييد ما جاء مطلقا في القرآن ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، أي: بعد الطلقة الثالثة يقول الشيخ: «والسنة قيّدت طلاق التزوج في الآية بالمسيس، ألا يكون بقصد التحليل» (¬5) مستدلا على ذلك بما روي أن امرأة رفاعة قالت: (يا رسول الله -صلى الله عليه و سلم-: إن رفاعة طلقني فبت طلاقي، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإن ما معه مثل هدبة الثوب، فقال - صلى الله عليه وسلم -: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ قالت نعم: قال: لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك). (¬6)
رابعا: تخصيص ما جاء عاما في القرآن، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24]. والمعنى أنه يحل نكاح ما سوى المذكورات في الآية السابقة من التحريم بسبب النسب، أو الرضاع أو المصاهرة، وهذا المعنى عام في الآية، فخصصت السنة هذا العموم بتحريم الجمع بين المراة وعمتها، وبين المرأة وخالتها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها). (¬7)
خامسا: يذكر بعض الأحيان أحاديث ظاهرها التعارض، ثم يجمع بينها، مثال ذلك ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10]، فقد ذكر روايتين: رواية عن معقل بن يسار (¬8) أن المبايعة كانت على عدم الفرار، ورواية عن سلمة بن الأكوع (¬9) أن المبايعة كانت على الموت، ثم جمع بينهما فقال: « ... وعن معقل بن
¬__________
(¬1) الترمذي: سنن الترمذي – كتاب التفسير حديث رقم (3088)
(¬2) اطفيش: هميان الزاد ج 2 ص (132) و للمزيد انظر: الهميان ج 2 ص (404، 412) ج 4 ص (375) ج 5 ص (47)، ج 6/ 2 ص (81)، ج 7/ 1 ص (261)
(¬3) الترمذي: سنن الترمذي 37 كتاب الزهد، (33) باب في التوكل على الله رقم (2344)
(¬4) رواه الربيع في جامعه الصحيح، كتاب الأحكام (42) باب في الطاعون ج 2 ص (25) رقم (640) و البخري في صحيحه – فتح الباري – 60 كتاب احاديث الأنبياء (54) باب ج 6 ص (592) حديث رقم (3473)، و مسلم في صحيحه – شرح النووي – كتاب السلام باب الطاعون ... ج 14 ص (204).
(¬5) اطفيش: هميان الزاد ج 3 ص (241)، و للمزيد انظر: ج3 ص (95)، ج4 ص (460)
(¬6) رواه البخاري في صحيحه – فتح الباري – 68 كتاب الطلاق (37) باب طلقها ثلاثا ... ج 9 ص (374) حديث رقم (5317)، و مسلم في صحيحه – شرح النووي – كتاب النكاح باب لا تحل المطلقة ثلاثل لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره ... ج10 ص (2)
(¬7) رواه الربيع في جامعه الصحيح كتاب النكاح (25) باب ما يجوز من النكاح وز ما لا يجوز ج 2 ص (208) رقم (517)، و البخاري في صحيحه – فتح الباري – (67) كتاب النكاح، 27 باب لا تنكح المرأة على عمتها ج 9 ص (4)، رقم (5108، 8109) و مسلم في صحيح – شرح النووي – كتاب النكاح باب تحريم الجمع بين المرأة و عمتها او خالتها ج 9 ص (190)
(¬8) رواه مسلم في صحيحه – بشرح النووي – كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال ج 13 ص 5.
(¬9) رواه البخاري في صحيحه – فتح الباري – 56 كتاب الجهاد و السير (110) باب البيعة في الحرب ج 6
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق