ومنهم يوسف ين سد ميمان رحمه الله، من المعدودين في القوامة بالليل، والصوامين بالقيل، والداعين المستجابين المصيبين والصابرين وإن كانوا مصابين، حدث أبي رحمه الله قال كان هذا الشيخ آخر أشياخ أهل الدعوة من أهل "دقاش" يعني منزله من قرى "تقيوس" وكان في آخر عمره وقد أصيب بصره، وقل ماله فلم يزدد بذلك إلا رضى بقضاء الله، واجتهادا في طاعته، وكان الزوار بقصدونه من كل ناحية تبركا به، قال فقصده يوما عزابة كنومة يزورونه وفيهم أخي محمد، وكان حدثا، وذلك بعد وفاة أبيه، قال محمد: فدخلنا عليه فصافحناه وسلمنا عليه، وقال للعزابة من هذا معكم أسمع صوته ولا أعرفه؟ قالوا لـه: إن هذا من أولاد الشيخ سليمان قال ثم بكى عند ذلك، وقال إلي يا ابن الحبيب ثم أنشد متمثلا:
كأنهم لم يكونوا عارفين بنا ولم نكن لهم بالأمس إخوانا
قال ثم أورد علينا من المواعظ والحكم والأمثال، ما لم أسمعه من أحد قبله ولا في حلقة من الحلق.
الشيخ يأبى من أكل المال المراب:
وحدثنا أبو الربيع أن يوسف بن سد ميمان سار من درجين يريد توزر فصحب ناسا من العرب فكانوا في إبلهم ووجدوا في الطريق خصبا عظيما لم تسمح نفوسهم بأن يتجاوزوه ولم ترعه إبلهم، فساروا ثلاثة أيام بين نفطة وتوزر، قال والشيخ معهم لم يذق طعامهم ولا شرابهم، قال فلم يدخل توزر إلا وقد آذاه الجوع والعطش، فكان أول من لقي بها جماعة من أهل درجين فرغبوا إليه أن يتغدى معهم، وقد عرفوا ما دلهم على شدة ما ناله من الجوع، قال ومعهم صرة ينفقون منها ويقضون بها حوائجهم فأخذوا منها ما اشتروا به غذاءهم وغذاء الشيخ فأكلوا ودعا لهم بالبركة وانصرف إلى تقيوس، قال الدرجينيون فأقمنا أياما ننفق من تلك الصرة ونقضي بها حوائجنا وخرجنا من توزر والصرة بحالها لم ينتقص منها شيء، والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق