في ما لا تقوم الصلاة إلا به
قال الشيخ عامر : اعلم أن الصلاة و جميع وظائف الدين لا تقوم و لا يصح لها ثوابها إلا بأربعة أشيـاء و هي : العلم و العمل و النية و الورع.
أحدهما : أن يعلم بوجوب الصلاة ، و أنه مأمور بها ، و ذلك أن يعلم الصلاة التي قام إليها ، أعني أن يفرز كل واحدة من الصلوات الخمس في وقتها عند حضور فعلها. و الدليل على هذا قوله تعالى : ( أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة ) ، و الله تعالى لا يتعبدنا بمجهول.
الثانـي : أن يعلم بوجوب الثواب على فصل الصلاة. و الدليل قوله تعالى : ( و من يطع الله و رسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ).
الثالـث : أن يعلم كيف يمتثل الصلاة بوظائفها ، أعني فرائضها و سننها و جميع نواقصها.
و أما على قول من لا يشترط العلم فليس عليه شئ ، و الله أعلم. قال : و أما العمل فهو ينقسم أيضا إلى ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يعمل كما أمر و كما وجب عليه و على ما وجب عليه أن يعلم.
الثانـي : أن يرجـو في عملها ما عنـد الله ، و ذلك أن ضد الرجاء الإياس فمن لم يرج ما عند الله آيس : ( و لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ).
الثالـث : أن يخاف في تركها عقاب الله ن و ذلك أيضا ضد الأمن فمن لم يخف أمن ( و لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ).
قال : و أما النية فهي أن يتحرى مرضاة الآمر و طاعة الله ن و ذلك أن ينوي بفعله الصلاة أداء الفرض و طاعة الله عز و جل ، لأنه واجب عليه ، مأمور به ، و يتقرب بفعله إلى الله عز و جل. و التقرب طلب المنزلية عند الله ، لأن الله وعد المؤمنين على فعلهم الطاعة و الجنة ، و الله أعلم.
و الدليل على وجوب النية قوله تعالى : ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) و الإخلاص هو النية لله ، و هو أن يخلص عمله من جميع الشوائب ، و يخلصه لله عز و جل ، و الله أعلم.
قال : و أما الورع فهو أن يتورع عن جميع محارم الله و عن جميع ما نهى عن العمل في حال الصلاة.
فــي النيــــــــــــة
الدرس الثاني
هي أن يتحرى مرضاة الله و طاعـة الله ، و ذلك أن ينـوي بالصـلاة أداء الفرائض ، لأنه واجـب عليـه ، مأمور به ، و يتقرب بفعله إلى الله عز و جل.
ثم يقيم بنية الإخلاص ، و يوجه بنية المدح و التنزيه لله و التمجيد له و نفي الأشباه و الأمثـال عنه تعالى ، و يكبر تكبيرة الإحرام بنية التعظيم لله تعالى الذي هو مالكه ، و لا يستحق العبادة سواه ، ويستعيذ بنية طلب الحفظ من الشيطان ، و يقرأ بنية العبادة في التلاوة.
و يحضر قلبه لمعنى كل آية يمر بها لئلا يكون من الغافلين ، و يركع بنية التذلل و التواضع ، و يسجد بنية التقرب إلى الله تعالى ، إذ من تواضع لله رفعه الله ، و في الحديث ( أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد ) و يتحي بنية الثناء و التمجيد لله تعالى ، و يسلم بنية الخروج من الصلاة لقوله صلى الله عليه و سلم : ( تحريمها التكبير ، و تحليلها التسليم ).
و العجب كل العجب من القول بعدم إجزاء النية إلا بلفظ اللسان ، و كيف ساغ لهم أن يجعلوه قولا ثانيا مقابلا للقول الصحيح الذي عليه جميع الأمة ، و هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم و الصحابة من بعده لم ينقل عنه و لا أحد منهم أنهم كانوا يعلمون الناس لفظ النية باللسان ، و لا أن أحدا منهم اشترط وجود اللفظ في صحة القصد ، و هذا أمر تعم به البلوى ، فلو صح عنهم لنقل و اشتهر مع مع أن العرب في أول الأمر كانوا أهل جاهلية فكان المناسب لقول أولئك أن ينصب لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم من يعلمهم تلك الألفاظ التي هي شرط في صحة نياتهم لأنه صلى الله عليه و سلم قد نبه على توقف صحة الأعمال بالنيـات بقولـه : ( إنما الأعمال بالنيات ) فلو كانت صحة النية متوقفة على وجود الألفاظ المذكورة لاحتاج إلى ما ذكرنا من نصب المعلمين.
شروط صحة الصلاة
إحداهما : الطهارة من الأحداث بالوضوء و الاغتسال إن طرأ على الإنسان
الثانيـة : إزالة النجس قبل الطهارة
الثالثـة : طهارة الثوب و طهارة البقعة المصلى عليها
الرابعـة: دخول الوقت لأدائها
الخامسة: الستر للعورة في جملتها من الركبـة للسرة للرجل و للمرأة الحـرة جميع جسدها ما خلا الوجه
و الكفين من زينتهـا
السادسة: القيام مع القدرة في حال عملها
السابعة : استقبال القبلة في جميعها
الثامنـة: النية بالقلب عند التلبس بها
التاسعة : استصحاب حكم النية في سائرها
العاشرة : العلم بكيفية امتثالها
أركان الصـلاة
إحداهما : الإحرام بلفظ التكبير
الثانيـة : القراءة بأم القرآن الكريم فصاعدا
الثالثـة : الركوع فيها
الرابعة : الاعتدال في الركوع و الرفع منه
الخامسة: السجود بعد الركوع
السادسة: الفصل بين السجدتين و الاعتدال فيهما
السابعة : الجلوس بعده
الثامنـة: التحيات على الاختلاف بين الأئمة في أيتهما الفريضة الأولى أو الآخرة منهما
التاسعة : ترتيب الأفعال في جميعها
العاشرة : استصحاب الخشوع فيها من أولها إلى آخرها
سنن الصـــــلاة
إحداهما: التوجيه
الثانيـة: الاستعاذة بعد التكبير
الثالثـة: قراءة السورة مع أم القرآن في الركعتين الأوليين من المغرب و العشاء و لركعتي الفجر .
فــي الخشـــــوع
الخشوع تذلل القلب و سكون الجوارح من هيبة الله تعالى ، فإنه إذا كان القلب خاشعا أورث ذلك تيقضا فيه و سكونا في الجوارح ، قال تعالى : ( و استعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) ، و قال تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ) ، و قال تعالى : ( و لا تكن من الغافلين )
كما قال عليه الصلاة و السلام وقد نظر إلى رجل يعبث بلحيته: ( لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه )
الوسائل المعنية في الخشوع:.
1- إعظام المقام: يعني يستشعر المصلي أنه واقف في مقام عظيم يناجي فيه رب السماوات و الأرض فقد كان علي بن أبي طالب إذا حضر وقت الصـلاة يتزلل و يتلون ، فقد قيل له : مالك يا أمير المؤمنين ؟ فيقول : جاء وقت أمانـة عرضها الله عز و جـل على السمـاوات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها. و روي عن علي بن الحسين أنه كان إذا توضأ اصفر لونه فيقال له : ما هـذا الذي يعتادك عند الوضوء ؟ فيقول : أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم ؟
2-إخلاص المقال: أنه على المصلي أن يخالص مقالـه من بدايـة الصـلاة إلى نهايتها ، أي من تكبيـر و توجيه وقراءة و تحميد و تسبيـح لله سبحانـه و تعالى حتى يستطيـع أن يتحصـل الخشوع .
3- اليقين التام : أي اليقين بأن الله وعـد و توعد ، وعـد من أقام الصـلاة بجنـة عرضها السمـاوات
و الأرض ، و توعد من أضاعها بنار الجحيم و العياذ بالله . فيما أن طبيعـة الإنسـان ترغب في النعيم و تأبى الجحيم ، فعندما يستشعـر الإنسـان في صلاتـه هذا الوعـد و الوعيد سيحصل الخشوع إن شاء الله .
4- جمع الهمة : أن يتجرد المصلي قبل دخوله في الصلاة من جميع المهام الدنيوية و يتفرغ لمهمة واحدة فقط و هي أداء الصلاة حتى يكـون تفكيـره مركـز لأداء الصـلاة فقـط يقـول بعض العلماء الصلاة من الآخرة فإذا دخلت الصلاة خرجت من الدنيا و بتوفر هذه الوسائل الأربعة سيتحقق الخشوع إن شاء الله . و على المصلي أن يستصحب الخشوع في الصلاة من أولها إلى آخرها ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم ( ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل ) .
و على المصلي أن يستصحب الخشوع في الصلاة من أولها إلى آخرها ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه و سلم ( ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل ) .
و الصلاة بدون خشوع صلاة مكذوبة على الله ، لأن ظاهرها تعكس باطنها ، و الله تعالى يعلم ظاهر الأعين و ما تخفيه الصدور ، يقول الإمام أبو سلم في نثار الجوهر :
مدعي الصلاة صل و اخشع كي تصـدق فيمـا تدع
تأتي بها صحيــة الظواهر لكنها معلولـة السرائر
فـي القيام فـي الصلاة
القيام في الصلاة واجب فيها على من قدر عليه لقوله تعالى : ( و قوموا لله قانتين ) و لما ثبت من الأحاديث المتواترة في صفة الصلاة أن القادر على القيام لا يصلي من غير عذر إلا قائما ، و لإجماع الأمة على ذلك .
و القيام فرض بنفسه ، فإذا قدر عليه فلا يسقط عنه بالعجز عن غيره كما يدل عليه قوله صلى الله عليـه و سلم : ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) .
و صفة القيام : أن ينتصب معتدلا من غير انحراف و لا صفن ، و هو رفع أحد الرجلين مع القيام على أطراف أصابعه ، و لا صفد ، و هو اقتران القدمين معا ، و لا يوسع بين قدميه ، و لا يلصقهما لما روى ضمام ابن السائب قال : بلغني عن ابن عمر أنه لا يفرشح بين رجليه و لا يلصقهما .
و قد استحب بعضهم أن يجعل ما بينهما قدر مسقط نعل ، و إن زاد قليلا أو نقص فلا بأس . و استحب بعضهم أن يكون بينهما قدر أربعة أصابع .
و يستحب له أن يرد بصره إلى موضع سجوده لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل في الصلاة لم يجاوز بنظره غير سجوده تخشعا لله عز و جل .
و إذا فرغ خر راكعا و لا يلتفت يمينا و لا شمالا و لا أمامه لما روى أنه قال عليه الصلاة و السلام لعلي بن أبي طالب : ( لا تنظرن قبل وجهك و لا عن يمينك و لا عن شمالك ).
و لا يرفع بصره قبل السماء لما روى أنه قال عليه السلام : ( ما بالكم ترفعون أبصاركم في صلاتكم قبل السماء ) ثم اشتد عليهم قوله حتى قال : ( لتنتهن أو ليخطفن الله أبصاركم ) .
قال : و المرأة إذا وقفت في صلاتها فلتلصق يديها إلى جسدها و لا تجعل الفرجة بين رجليها ، حتى يوافق ما أمرت به من السترة و الانخفاض .
فــي التوجيـــــه
التوجيه عبارة عن التسبيح و التحميد و التمجيد و التهليل الوارد عند القيام إلى الصلاة فلذا جعلته بعد مسألة القيام .
و الأنسب بالتواضع ، و الأقرب إلى الخشوع أن لا يوجه إلا قائما في موضع صلاته مستقبلا إلى القبلـة و يدل على ذلك قوله تعالى : ( فسبح بحمد ربك حين تقوم ) .
حكم التوجيـه :
هو سنه مؤكدة ، و هو أكثر القول .
صفة التوجيه :
عن عمر وعائشة و ابن مسعود رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : ( سبحانك اللهم و بحمدك ، تبارك اسمك و تعالى جدك و لا إله غيرك ) .
و قد ضم أصحابنا إلى التوجيه المنقول عن نبينا عليه الصلاة و السلام التوجيه الذي ذكره الله تعالى عن خليله إبراهيم عليه السلام و هو قوله : ( وجهت وجهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين ) .
فــي تكبيرة الإحرام
تكبيرة الإحرام هي تكبيرة الافتتاح ، و إنما سميت " تكبيرة الإحرام " لأن بها يحرم في الصلاة ما يباح في غيرها من الأعمال . وسميت " تكبيرة الافتتاح " لأنها مفتاح الصلاة بمعنى أنها أول ما يكون من أعمال الصلاة .
فــي ثبوت الافتتاح بالتكبير
تكبيرة الإحرام فرض في جميع الصلوات ، أجمع المسلمون على فرضها ، و من تركها ناسيا أو متعمدا فلا صلاة له .
و الدليل على فرضها : قوله تعالى : ( و ربك فكبر ) ، و في الحديث عنه صلى الله عليه و سلـم قـال : " مفتاح الصلاة الطهور ، و تحريمها التكبير ، و تحليلها التسليم " .
فــي صفة تكبيرة الإحرام
و صفة النطق بها : أن تقول : " الله أكبر " بفتح الهمزة فتحة لا مد فيها ، وتسكين اللام الأولى و تشديد اللام الثانية تشديدا طابقا بالحنك و يمد النطق بها ، و قيل : لا يمد ، فإن مد منفى الحال ينتقل إلى الهاء بضمة مشمومة ولا يطول ضمة الهاء لئلا يتولد من ذلك واو ، و يفتح الألف من " أكبر " بلا مـد ، و يسكـن الكاف و يفتح الباء بلا مد ، و يبين الراء تبيينا يكاد يتوهم السامع مع أنه نطق براءين .
فـــي الأحكام المتعلقة بتكبيرة الإحرام
الأحكام المتعلقة بتكبيرة الإحرام على وجوه : بعضها خاص بلفظ التكبير ، و بعضها خاص بحال المكبر .
فأما الوجوه الخاصة باللفظ :.
1 – أن تكبيرة الإحرام تكون بالجهر ، فإن كان المكبر إماما جهر حتى يسمعه من خلفه ، و إن كان مأموما أو
منفردا أسمع أذنيه أو من كان حوله من الناس .
و سواء في ذلك الرجل و المرأة غير أن المرأة إنما تسمع أذنيها لا غير لأنها مأمورة بخفض الصوت .
2 – إن عطس المصلي في تكبيرة الإحرام فإنه يتم التكبير و ليس عليه أن يستأنفه .
و أما الوجوه الخاصة بأحوال المكبر :.
1 – أن من نسي تكبيرة الإحرام ثم ذكرها و هو راكع أو ساجد أو بعد ذلك أعاد الصلاة بالإقامة و التوجيه لأنها
فريضة لا تتم الصلاة إلا بها .
2 – إن شك في تكبيرة الإحرام : هل كبرها أو لا ؟
فإن كان شكه قبل أن يدخل في الاستعاذة أعاد إحرامه ليكون من أمره على يقين .
و إن عارضه الشك بعد أن دخل في القراءة مضى على صلاتـه لأن القـراءة حـد ، و تكبيـرة الإحـرام
حـد ، فإذا جاوز الحد إلى حد غيره ثم شك في ذلك الحـد أو في شيء منه فليس له أن يرجـع إليه على
الشك .
3 – إن ترك تكبيرة الإحرام جهلا فكان يصلي و لا يكبر ولا يقرأ فعليه مع التوبة البدل .
فـــي محــل الاستعاذة
محل الاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام و بعد قراءة سورة الفاتحة و في الركعة الأولى فقط من الصلاة .
فـــي صفة الاستعاذة
أن صفة الاستعاذة أن تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
فـــي تفسير الاستعاذة
معنى " أعوذ بالله " أعتصم به ، و هو دعـاء في صورة الخبـر ، و التقديـر : " اللهـم أعذني " كقولك " أستغفر الله " أي " اللهم اغفر لي " .
و فيه الاعتراف بعجز النفس و بقدرة الرب ، و هذا يدل على أنه لا وسيله إلى القرب من حضرة الله إلا بالعجز و الانكسار .
و فيه الاعتراف بعداوة إبليس و كل شيطان ، و المراد بالشيطان كل شيطان ، و المراد بالرجيم المرمى بسهم اللعن والشقاوة .
فـــي قراءة فاتحة الكتاب
قراءة فاتحة الكتاب عندنا واجبة لا تصح الصلاة إلا بها إذا كان المصلي إماما أو منفردا إتفاقا ن فمن ترك منها متعمدا فعليه النقض ، ففي حديث أبي هريرة في الرجل الذي صلى و ترك التسمية في الحمد فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا رجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد من تركها فقد ترك آية منها ، و من ترك آية منها فقد قطع صلاته فإنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فمن ترك آية منها بطلت صلاته " .
و أيضا فعنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " .
فـــي قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة
و ذلك في صلاة الفجر و الركعتين الأوليين من المغرب و العشاء و صلاة الجمعة وقت إقامتها ، فأما صلاة الظهر و العصر و الركعة الأخيرة من المغرب و الركعتان الأخريان من العشاء فلا يقرأ فيهن إلا بفاتحة الكتاب مطلقا .
وفي قـراءة السـورة إما أن يبتـدئ المصلي بالقراءة من أول السـورة ، و إما أن يقرأ من وسطهـا أو آخرهـا ، فإن لم يبتدئ بالسورة من أولها فلا يؤمر بالتسمية ، و إنما يؤمر بتركها عندهم ، و إن ابتدأ بها من أولها أمر بالتسمية فإن تركها ناسيا فلا شئ عليه اتفاقا ، و إن تركها عامدا فقيل : يعيد ، و قيل : لا إعادة .
فـــي حــد الركوع و صفتـــه
و في الشرع : أن ينحني و يضع يديه على ركبتيه و يسوي ظهره معتدلا و يستقيم عند الرفع منه حتى يرجع كل عضو منه إلى مفصله لما روى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا ركع وضع يديه على ركبتيـه و سوى ظهره معتدلا ، و إذا رفع رأسه من الركوع استقام حتى يرجع كل عضو منه إلى مفصله ، و إذا ركع قال : " الله أكبر " ، و قيل هذا أكمل الركوع .
و نظر النبي صلى الله عليه و سلم إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع و السجود فلما قضى صلاته قال صلى الله عليه و سلم : يا معشر المسلمين ، لا صلاة لامرئ لا يقيم صلبه في الركوع و السجود .
فـــي ما يقــال فـــي الركــــوع
و إذا استوى المصلي في ركوعه قال : " سبحان ربي العظيم " ثلاثا ، لما روي عن إبن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم لما نزل عليه : ( فسبح باسم ربك العظيم ) قال : " اجعلوها في ركوعكم "
فـــي ما يقوله المصلي عند الرفع من الركوع
إن كان المصلي منفردا أو إماما قال عند الرفع من الركوع : " سمع الله لمن حمده " فإذا استوى قائما قـال : " ربنا ولك الحمد " لما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه إذا رفع رأسه من الركوع قال : " سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد " .
ويمكن أن يزيد على ذلك من أجل زيادة الخير ، روي عن جابر بن زيد رضي الله عنه قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بأصحابه ذات يوم فلما فرغ قال : من المتكلم آنفا و هو يقول :"ربنا و لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه " قال رجل منهم : أنا يا رسول الله ، قال : لقد رأيت بضعا و ثلاثين ملكا يبتدون أيهم يكتبها أولا .
فـــي السجـــــــــود
السجود في الشـرع أن يهـوي إلـى السجـود قصـدا فيضـع جبهتـه و أنفـه إلى الأرض مع الكفيـن و الركبتيـن و أصابع القدمين .
فـــي حكـــم السجــــود
السجـود فرض ثبـت من كتـاب الله تعالى بإجمـاع الأمـة قـال تعالى : ( يا أيهـا الذيـن آمنـوا اركعوا و اسجدوا ) .
و يجب تكرار السجود في كل ركعة مرتين بينهما قعدة مقدار ما يرجع كل مفصل إلى موضعة لأن ذلك هو المأخوذ من السنة . ففي الحديث لقوله صلى الله عليه و سلم : " أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد " .
فـــي ما يقــال فـــي السجـــود
في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما نزل عليه قوله تعالى : ( سبح اسم الأعلى ) قال : اجعلوها في سجودكم .
و جاء أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول في سجوده : "سبحان ربي الأعلى " ثلاثا .
فـــي صفـــة السجـــود
السجود هو أن يسجد على سبعة أعضاء مستويا ظهره لما روى من طريق العباس بن عبد المطلب أن النبـي صلى الله عليــه و سلـم قـال : " إذا سجــد العبـد سجـدت معـه سبعـة آراب و هي الجبهـة و الكفـان و الركبتان و القدمان " .
و عنه صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن أسجد على سبعة آراب ولا أكف شعرا ولا ثوبا " .
فـــي القعـــود للتحيـــات
القعود فرض في التحيات الأولى و الآخرة لقوله تعالى : ( الذيـن يذكرون الله قياما و قعودا و على جنوبهم ) و لأن التشهد في الصلاة فرض كما سيأتي .
و إذا ثبت و جوبه ثبت وجوب القعود لأن كل من أوجب به القعود .
فــــي صفــة القعــود فـــي الصـــلاة
صفة القعود في الصلاة أن يقعد الرجل مستويا ، مفترشا رجله اليسرى ، ناصبا قدم رجله اليمنى ، جاعلا رجله اليمنى في حال انتصابها في أخمص رجله اليسرى ، و يجعل كفه اليمنى على ركبته اليمنى و كفه اليسرى على ركبته اليسرى .
فـــي حكـــم التحيـــات
التحيات تسمى أيضا التشهد ، و سمي بذلك لما اشتمـل عليه من الشهـادة لله سبحانـه و تعالى بالتوحيـد ، و الشهادة للنبي صلى الله عليه و سلم بالرسالة ، من باب تسمية الشيء بأشرف ما اشتمل عليه .
التشهـــد الأول
التحيات لله و الصلوات و الطيبات ، السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته ، السلام علينا و على عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله .
اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم ، و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد .
بعـــد التشهـــد و قبـــل الســـلام
1 - اللهـم إني أعوذ بك من عذاب جهنـم و أعـوذ بك من عذاب القبر و أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال
و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات ، اللهم إني أعوذ بك من المأثم و المغرم .
2 - اللهـم إني أسألك الجنـة و أعـوذ بك من النـار .
3 - اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب إلا أنت فأغفـر لي مغفـرة من عندك و ارحمني إنك
أنت الغفـور الرحيـم .
4 - اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت و ما أسررت و ما أعلنت و ما أسرفت و ما أنت أعلم به مني ، أنت
المقـدم و أنت المؤخـر لا إله إلا أنـت .
فــــي صفـــة التسليــم من الصـــلاة
صفة التسليم من الصلاة أنه يسلم تسليمة واحدة يفصح بها عن يمينه و شماله فيقول : " السلام عليكم " بالتعريف لورود الحديث بذلك .
بعـــد الســــلام من الصــــلاة
1 - آيــة الكرســي .
2 - الفلــق و النــاس .
3 - سبحان الله ( 33 مرة ) ، الحمد لله ( 33 مرة ) ، الله أكبر ( 33 مرة ) و في بعض الروايـات أربعـا
و ثلاثيـن مرة لا إله إلا الله وحـده لا شريـك له ، له الملك و له الحمـد و هو على كل شئ قديـر .
4 - أستغفر الله العظيم و أتوب إليه ( ثلاث مرات ) اللهم أنت السلام و منك السـلام تباركـت يا ذا الجـلال
و الإكـرام .
5 - لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شئ قدير ، اللهم إنـه لا مانـع لما
أعطيت و لا معطي لما منعت ولا راد لما قضيت ولا ينفع الجد منك الجد .
6 - اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت و ما أسررت و ما أعلنت و ما أسرفت و ما أنت أعلم به مني ، أنت
المقدم و أنت المؤخر لا إله إلا أنت .
7 - لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك و له الحمد و هو على كل شئ قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله
ولا نعبد إلا إياه له المن و له النعمة و له الفضل و له الثناء الحسن لا إله إلا هو مخلصيـن له الديـن
و لو كره الكافرون .
8 - اللهم أعني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك ( ثلاث مرات ) .
9 - رب قني عذابك يوم تبعث عبادك .
10- اللهم إني أعوذ بك من الجبن و أعوذ بك من أن أراد إلى أرذل العمر و أعوذ بك من فتنة الدنيا و أعوذ
بك من عذاب القبـر .
11- اللهم إني أعوذ بك من الكفر و الفقر و عذاب القبر .
12- اللهم بك أحاول و بك أقاتل و بك أصاول .
13- اللهم أجرني من النار ( سبع مرات ) بعد الفجر و المغرب .
14- اللهم إني أسألك علما نافعا و عملا متقبلا و رزقا طيبا ( بعد الفجر ) .
15- فاتحــة الكتــاب .
16- سبحـان الملك القـدوس ( بعد الوتــر ) .
عقوبــة المتهـــاون فــي الصـــلاة
قال سبحانه و تعالى : ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون )
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ويل : واد في جهنم تستغيث جهنم من حره ، وهو مسكن من يؤخر الصلاة عن وقتها " .
وقد علمت قوله عليه السلام : " ما بين العبد و الكفر " ، وفي رواية : " و الشرك إلا ترك الصلاة " .
و عنه عليه السلام : " من تهاون بالصلاة عاقبه الله بخمس عشـرة عقوبـة ، ستـة منهـا في الدنيـا ، و ثلاثة منها عند الموت ، و ثلاثة في القبر ، و ثلاثة عند خروجه من القبر .
فأما الستة التي تصيبه في الدنيا :.
فالأولــى : ينزع الله البركة من عمره .
و الثانيـة : يمسح الله سيما الصالحين من وجهه .
و الثالثـة : كل عمل لا يأجره الله سبحانه و تعالى عليه .
و الرابعـة : لا يرفع الله عز وجل له دعاء إلى السماء .
و الخامسة : تمقته الخلائق في دار الدنيا .
و السادسة : ليس له حظ في دعاء الصالحين .
و أما الثلاثة التي تصيبه عند الموت :.
فالأولـى : أنه يموت ذليلا .
و الثانيـة : أنه يموت جائعا .
و الثالثـة : أنه يموت عطشانا و لو سقي مياه بحار الدنيا ما روي من عطشه .
و أما الثلاثة التي تصيبه في قبره :.
فالأولـى : يضيق الله عليه قبره و يعصره حتى تختلف أضلاعه .
و الثانيـة : يوقد عليه في قبره نار يتقلب في جمرها ليلا و نهارا .
و الثالثـة : يسلط الله عليه ثعبانا يسمى الشجاع الأقرع عيناه من نار ، و اظفاره من حديد ، طول كل ظفر مسيرة يوم ، فيقول له : أنا الشجـاع الأقـرع ، و صوتـه مثل الرعـد القاصف ، و يقول له
أمرني ربي أن أضربك على تضييع صلاة الصبح من الصبح إلى الظهر ، و أضربك على تضييع
صلاة الظهر من الظهر إلى العصر ، و أضربك على تضييع صلاة العصر من العصر إلى المغرب
و أضربك على تضييع صلاة المغرب من المغرب إلى العشاء ، و أضربـك على تضييع صـلاة العشاء من العشاء إلى الصبح : و كلما ضربه ضربة يغوص في الأرض سبعين ذراعا فيدخل أظفاره تحت الأرض و يخرجه ، فلا يبرح تحت الضرب إلى يوم القيامة ، فنعوذ بالله من عذاب القبـر .
و أما الثلاثة التي تصيبه يوم القيامة :.
فالأولـى : يسلط الله عليه من يسحبه إلى نار جهنم على حر وجهه .
و الثانيـة : ينظر الله تعالى إليه بعين الغضب وقت الحساب ، فيقع لحم وجهه .
و الثالثـة : يحاسبه الله عز وجل حسابا شديدا ما عليه من مزيد سرمدا طويلا ، و يأمر الله عـز وجـل به إلى النار و بئس القرار .
و عنه صلى الله عليه و سلم : " الصلاة ميزانك و منتهى كيلك ، فإذا وفيت نجيت ، و إذا نقصت عذبت "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق