أنوار من الفكر الإباضي - مكتبة أهل الحق والإستقامة

Post Top Ad

Post Top Ad

الثلاثاء، 20 أبريل 2021

أنوار من الفكر الإباضي

 أنوار من الفكر الإباضي

fikr-ibadi


دائماً ترسم الرسائل المتبادلة بين أقطاب الفكر الواحد أو بين أقطاب الفكر وغيرهم من أتباع الأفكار الأخرى سجلاً صادقاً عن المبادئ والقيم التي يدعو إليها ذلك الفكر.


والمذهب الإباضي قد تعددت سجلات فكره المستقيم على الحق، فيجدها البصير في كتب العقائد وأمهات كتب التاريخ الصادق، ويقرأها في الرسائل بين الأئمة وأتباعهم.


وفي هذه الصفحة من هذا المنتدى أقدم للأمة الإسلامية عهد الإمام الصلت بن مالك لواليه غسان بن جليد حينما حين بعثه والياً على رستاق هجار.


عسى الله تعالى ينفع بهذه الرسالة الإباضية فيكونون ترجمة صادقة لما أراده منهم الإمام الصلت بن مالك.


وعسى أن يستفيد من هذه الرسالة أولئك الناس الذين يصدون الناس عن المذهب الإباضي بكل صنوف الأباطيل والأكاذيب.

 

المرجع: تحفة الأعيان ، ج1/ص 184

 


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.

 

" إني أوصيك بتقوى الله في سرك وجهرك، وأن تكون على أمر الله حدثاً وفي مرضاته راغباً، وأن تعمل بالعدل في الرعية ، وأن تقسم بينهم بالسوية، وأن تأمر بالمعروف وتحث أهله عليه، وتنهى عن المنكر وترده على من عمل به، وتنزل كل ذي حدث حيث أنزله حدثه، وأن تقيم فيهم كتاب الله، وتحيى فيهم سنة نبي الله صلى الله عليه وسلم، وتسير فيهم بسيرة أئمة الهدى ، في أحد الغضب منك والرضا، ولا يخرجك غضبك من الحق، ولا يدخلك رضاك في الباطل، ولا تتعاطى من الناس عند قدرتك عليهم ما لم يأذن الله به لك فيهم، ولا تخف في الله لومة لائم، واجعل الناس عندك في الإنصاف سواء، واحذر أن يستميلك إلى أحد منهم هوى، ولا تركن إلى أهل الجهل والباطل والطمع والغيّ ، فإن الله قد حذر نبيه محمداً صلى الله عليه سلم: فقال: ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) ، وقال : ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) ، وقال: ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون. إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين  ) .

 


" ولا تتخذ من الأصحاب إلا الأمناء الذين تؤمنهم على ما يغيبون به عنك من أمانتك فيما يرفعونه إليك عن رعيتك، فإني قد ائتمنتك على أمانتي ، ووثقت بك على حمايتي ، بالقيام بالقسط في رعيتي ، والمساعدة لي على ما أنا قائم لسبيله من أمر ربي، وكن كما رجوت فيك وعند ظني بك ، فإنك عين لي على ما غاب عني، والله شهيد عليك وعليّ، وناظر إليك وإلي، وسائلك وسائلي، فلست بمغن لك من الله، ولا أنت بدافع ولا نافع لي عند الله ، إلا بحفظ أمانته ورعاية حقوقه والصدق عليه ، فبالله فاكتف ، ومنه فاستح ، وإياه فاتق ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "

 

" واعلم أنك قادم على رعية قد رعاها رعاة قبلك، وأفضل منك ما أنت قادم عليه، وأن تأمرهم بطاعة الله ، وتعمل بها فيهم، وتدعوهم إلى الوفاء بعهد الله ، وتفي به لهم، وتحضهم على شرائع الإسلام، والرضا بالحلال وترك الحرام، وأن يعملوا بفرائض القرآن فيما ساءهم أو سرهم أو نفعهم أو ضرهم، وأن يسمعوا ويطيعوا لمن ولاه الله أمرهم فيما أطاع الله فيه، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، وأن تعدلوا بالحق وتجتمعوا على العدل، وتوادوا أهل الطاعة ، ولا توادوا أهل المعصية فإن الله يقول: ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ) .

 

" وازجرهم عن العصيان والحميات ، فإنها من صفات الجاهلية فانْهَ عن ذلك وقدم فيه، واخمد ذلك واطفه، وحذرهم الفتنة البغي والضغائن والفساد والحقد والهمز واللمز لبعضهم بعضاً، فإن ذلك يورثهم الإحن فيما بينهم ، وترك ذلك عوناً لهم على سلامة الصدور، وصلاح ذات البين، واشدد عليهم في الانتهاء عن مشارب الحرام، وجالس الخوض واللعب واللهو والباطل والسفه والجهل والظلم والخيانات، وأمرهم بعمارة مساجدهم، وتقديم أهل الفضل والصالح للإمامة في صلاتهم، فمن قبل ما أوصيته به وأجاب دعوتك واستقام على ذلك فاخفض لأوليائك جناحك ، وألن لهم جانبك واقبل منهم وأحسن إلى محسنهم، ومن كره قبول العافية وأعرض عن الدعوة وخالف الحق وترك السنة وركب المعصية، فشمر لأولئك عن الساق، واحسر لهم عن الذارع، وابسط عليهم من العقوبة ما سيتحقونه بإحداثهم، وأنزلهم حيث أنزلهم الحق فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير  (

 

 

" وأنزل الناس منك منازل على قدر منازلهم من الخير والشر، ولينفع بذلك أهل المعروف، وليضر أهل الباطل والمنكر فعلهم عندك. وشاور من يخاف الله في أمرك وشاركهم في عنايتك، فانك تحاج إليهم ولا غنى لك عنهم، واتخذهم لسرك ولمشورتك، ولا تأخذ تعديل الناس إلا بالثقات الذين لا شبهة في صلاحهم، ولا يختلف في عدلهم فأولئك فاسأل وعنهم فاقبل، واحذر أهل الدنيا الذين تخاف مكرهم، ولا تأمن شرهم وغدرهم، ولا تقم شيئاً من الحدود قِبَلك، ولا تحكم بين الناس في القصاص، ولا في الأرش ولا في الأموال ولا في نكاح ولا في طلاق ولا في عتاق، حتى ترفع ذلك إليّ ، وكلما اشتبه عليك شيء من الحكم فيما بين الناس، فقف، ولا تتقدم عليه حتى تشاورني فانظر فيه أنا ومن معي من أهل الرأي، ثم أطلعك من ذلك على ما أرجو به السلامة، فإن ذلك أسلم لي ولك إن شاء الله، وانصف الضعيف من القوي، والفقير من الغني، والعبد من المولى، وكل حق صح معك حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك ... "

 

" ... ولا تكن فظاً غليظ القلب من كثرة المعاني، ولا محتجباً عن مطالب الحق والضعفاء واليتامى، واجعل للنساء حظاً من خلوتك فإن لهن أسراراً أنت موضعها، واصبر نفسك لذلك، ولا تضجر من كثرة المعاني، ولا تحكم بين الناس وأنت غضبان، ولا تبع ولا تبتع في ولايتك شيئاً إلا ما لا بد منه من بيعه ومن طعام الصدقات من غير أن تجبر أحداً يشتري منك شيئاً، ولا تعلم أحداً أنه متخذ بذلك عندك يداً ، ولا تجبر أحداً يحمل طعاماً من بلد إلى بلد استكراهاً منك لهم، ولا تقبل من أهل ولايتك الهديات، ولا تجبهم إلى الدعوات، وامر بذلك ولاتك، وأصحابك، فإن ذلك من المعائب، ولا تدعو إلى الإدهان والإصغاء، والركون إلى الهوى ، فأعاذنا الله وإياك من الشيطان وفتنته، ورغب الناس فيما افترض الله عليهم، من أداء زكواتهم ودفعها ليضعوها في مواضعها، واعلمهم أنه من وفى بها فهو من الله في رحبة من الأثر في سعيه والإيجاب له من ثوابه ورحمته، ومن سترها أو شيئاً منها فقد خان الله ورسوله، فليس من الله في شيء ، ولا يقبل الله صلاة لمن كان لزكاته خائناً، قال الله تعالى:


(  قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً فلا تأس على القوم الكافرين   ) .

اقرا ايضا :الأنا والآخر

 

" ... ومن لم يؤد زكاته لم يقم بما أنزل الله من فرائضه وشرائع دينه، ومن أداها إليكم طائعاً فاقبلوها منه ، ومن اتهمتموه فيها وكان عند أهل المعرفة متهماً فاستحلفوه بالله ما ستر عنكم ما يعلم لله فيه حقاً من غير تهديد منكم له بحبس ولا قيد ولا ضرب، فإن يك صادقاً فقد سلمتم وسلم وإن يك كاذباً فسيلقى الله بخيانته وأنتم أبرياء منها، ولعمري لأن يلقى الله بخيانته أحب إليّ أن تلقوه بعقوبته على غير بيان ولا برهان، وحاسبوا أهل التجارات على تجارتهم بالرفق والدعة، ويقوم عليهم كلما أرادوا التجارة بقيمة عادلة وسطاً على أوسط سعر البلد، ومن ادعى أن عليه ديناً وقال أنه يريد أن يقضي دينه من ورقه في سنة طرح عنه دينه، فإن بقى في يده ما يبلغ فيه الصدقة أخذت منه، وإن لم يبقى ما يبلغ فيه الصدقة فلا سبيل عليه، وإن اتهم فيما ادعى استحلف بالله إن عليه من الدين كذا وكذا، وكل دين على رجل مفلس فإنه لا يحاسب عليه، ولا يكمل به الصدقة، ولا يؤخذ بما في أيدي الناس من ثمارهم، ولا يقوم ذلك عليهم في حساب ورقهم حتى يبيعوها ويصيروها دراهم، ويحمل ما الولد على مال والده ما دام ولده في حجره ولو كان بالغاً، وما كان أوفر للزكاة من حمل الورق على الذهب أو الذهب على الورق حمل، ويقوم الذهب والفضة بأوسط صرف البلد، ومن أراد أن يعطي ما يلزمه من الفضة فضة بقدر ما وجب عليه فله ذلك، وليس عليه أن يكسر فضة، ومن أراد أن يعطي ما وجب عليه بالمصارفة على صرف فضة في البلد فله ذلك ... "

 

".... واعلم أني قد وضعت لك جملاً في كتابي هذا ، مما أرجو لك ولي فيه السلامة من العيب، والإحياء للسنة ، والإماتة للبدعة ، واقتد بما كتبت لك ، ولا تجاوز شيئاً من ذلك ، ولا تختر عليه غيره، فإنك إن تركت شيئاً مما كتبت لك ، وعملت بخلافه لم آمن عليك العيب في الدنيا والآخرة، وكلما جاوزت أمري فلزمك في ذلك قصاص لأحد أو أرش أو غرامة في مال فهو عليك في نفسك ومالك دون مال المسلمين ، وإن عرض لك أمر مما لم أكتب به لك في كتابي هذا فلا تقدم على إنفاذه حتى تشاورني فيه إن شاء الله.


هذا كتابي لك ، ونصيحتي إياك ، وموعظتي لأهل ولايتك ، والله أسأله لك ولنا التوفيق ، وقبول النصائح والإقتداء بآثار الصالحين ، وأن يهجم بنا وبك على عدل الأمور وأصوبها وأرضاها لله ، واقرأ كتابي هذا على ولاتك إن شاء الله، والحمد لله رب العالمين ، وصلاته على خير خلقه محمد، وآله الطيبين وسلم ، ورحم كرم ، ولا تخرج أصحابك إلى الماشية إلا بعد الفطر، فإن كل شيء أخذوه قبل الفطر فهو حرام مردود. وإن ارتبت فرد العهد إلي إن شاء الله تعالى، والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليماً".

عهود أصحاب الأفكار وأربابها إلى أتباعهم هي وثائق يعتمد عليها الدارسون في تقييم الأفكار والمبادئ ، فكر الإباضي هو فكر الإسلام الصافي الذي لم تعكره أهواء الناس وميول البشر، هو الحق الذي يستمد مبادئه من كتاب الله الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. واستقامة أتباع الفكر الإباضي إنما هي استسلام مطلق لأوامر المولى جل وعلا اتباع لسيرة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

وهذا هو قبس ثان يضئ لطلاب الحق المسلك الذي يجب أن يتبع في دراسة الفكر الإباضي.
عهد لإمام راشد بن سعيد لأبي المعالي محمد بن قحطان تحفة الأعيان : ج1/ص 309

 

 وهذا كتاب كتبه الإمام راشد بن سعيد لأبي المعالي محمد بن قحطان بن محمد بن القاسم حجة له وعليه وعهداً عهده إليه ليعلم شرائط العدل فيه ويتوخى مسالك الحق لديه ويتق الله باريه فإنه هو المالك لأمره والعالم بسره وجهره  قال فليتقه في جميع أموره التي جعلت له السبيل إليها وأوجدته المدخل فيها على شروط يشتمل كتابي هذا عليها فأول ما ابتدأنا به بعد حمد الله تعالى فيه وصلى الله  على سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم -  " وإني أوصيك يا أبا المعالي قحطان بن محمد بن أبي القاسم بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما حرم الله عليك من زواجره والعمل بما أمرك الله به من أوامره فيما ساءك أو سرك أو نفعك أو ضرك وأن تأمر بالمعروف وتعمل به وتنهى عن المنكر وتقف عن فعله ولتحذر من خدائع الشيطان ومن يؤازره على ذلك من الأعوان احذرهم ونفسك وهواك وشهوتك ودنياك فقد قال الله تعالى " إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم " وقال " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون" " ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيماً " " إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " "

 

 " واذكر حق الله عليك واشكر نعمته لديك ولا تذهب بك حمية ولا تمنعك تقية أن تساوي في الحق بين وضيع الناس وشريفهم ، وقويهم وضعيفهم ، وبغيضهم وحبيبهم ، وبعيدهم وقريبهم ، وقد جعلت حماية صحار وما يتصل بها من ( العفة ) إلى ( صلان ) إليك وعولت فيها عليك فقم فيما وليتك من ذلك حق القيام واستفرغ الطاقة منك بالجهد التام وشمر فيه من ساق الجد واحسر معه عن ذراع الشد من غير أن تتعدى في ذلك محظوراً أو تركب فيه منكوراً أو تقترف فيه ظلماً أو تكسب فيه حوباً وإثماً إلا ما تعتمده من منع ظالم في حال عدوانه من غير أن تعاقبه بشيء على عصيانه بل ترفعه إلى القاضي بصحار حتى يحكم عليه بما يلزمه من فعله ويعاقبه بما يستحقه على فعله "

 
" واعلم أني لم أجعل لك شيئاً من الحكومات ولا أمرتك بشيء من العقوبات بل جعلتك لحماية البلاد وأمرتك بالمنع عن الفساد والدفع لأهل الباطل عن ظلم العباد، فلا تتعاطى ما لم يؤذن لك به ولا تقصر عما أمرت بفعله وكن للقاضي أبي سليمان مناصراً ومعاوناً ومؤازراً فقد أوجبت له ذلك عليك ما دام في حكمه عادلاً وبطاعة ربه عاملاً وأوجبت لك عليه وقبله أن يعينك على ما أهلتك له وأوجبت على الشراة ما أوجبت لك عليه إلا أن تستعين بهم فيما لا يجوز لك ولا لهم المعونة فيه، وحجرت عليك وعليهم خذلان بعضكم لبعض فيما يجب عليكم من المعاضدة والمعاونة والمساعدة وفيما يعود بطاعة رب العالمين ، وبإعزاز دولة المسلمين وكسر شوكة والمعتدين ، فافهم ما ذكرته لك وتدبر فيه ولا تجاوز حده ومعانيه ... "

 
" وقد أوجبت على الشراة أن يطيعوا الشراة وغيرهم ممن تجب عليهم طاعته في طاعة الله ربهم، وأن يطيعوا أمرك ويقووا على الحق يدك ما كنت في طاعة الله داعيا ًوعن معصية الله لاهياً وحجرت عليهم عصياني في خذلانك إذا استنصرت بهم على محاربة أهل الظلم ومن يعتمد للمسلمين بالجور والغشم على أن لا تستحل في ظعنك وإقامتك وحربك ومسالمتك للمسلمين غير ما أحل الله لك ولدولتك ولا تحرم غير ما حرم الله عليهم وعليك فإن فعلت ما رسمته لك فذلك رجائي فيك وحاجتي إليك ... "

 
 " وإن خالفته بعمل الباطل والجور وركوناً إلى الفعل المحرم المحجور فإني برئ من فعلك وأنت مأخوذ بما يجب فيه في نفسك ومالك فاتق الله في قولك وأعمالك، واستعذ به من الورطة في المهالك واستعنه على ما يتقرب به إليه ، واعتصم به على ما تحذره وتتقيه وتوكل في جميع الأمور عليه ( من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ) ، ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ).


أيها الأخوة الكرام: هذا هو قبس آخر من أنوار الفكر الإباضي، كتب الله له ألا يراه إلا أهل البصائر النيرة وأصحاب الألباب والعقول.

هذا خطاب وتوجيه من إمام إلى أحد قادته، بين له فيه نظرة الإباضية إلى الدنيا وما يجب على الراعي والرعية من عمل .


المرجع: تحفة الآعيان: ج2/ص24-25


   بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الله إمام المسلمين ناصر بن مرشد بن مالك إلى حضرة شيخنا الوالي الولد سلطان ين سيف بن مالك أمد الله عمره.

أما بعد:
"فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو وأوصيك ونفسي وجميع المسلمين بتقوى الله واللزوم على طاعته فاسمع له وأطع واقتد بإخوانك السالفين واتبع. وأما ما ذكرته من أمورك فاسأل فيها أهل الفضل والورع والهداية والشرع الذين جعلهم الله ورثة أنبيائه ونوراً ساطعاً يقتدي به جميع أوليائه يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين...

وأما ما ذكرته في العاذرة من الأمر الذي جعلته عليك فكيف أنت اليوم ولدي، جناحي الذي أتوصل به إلى إعزاز الدين الحنيفي، وخليفتي الذي أخلفه ركنا لهذا المذهب، فوسع صدرك وشاور العلماء في أمرك ولا تقطع عمرك وتضيق الصدر والحزن، وهون على نفسك من جميع ذلك. وانظر ما أمامك من العوائق والمهالك فإن السالم من وفقه الله ونجاه وارتضاه من خليقته واصطفاه حتى حاذر من جميع معاصيه إلا من ضيق على نفسه وحزن في يومه أكثر من أمسه وقطع نفسه بالندم والهموم والكرب والغموم  ... سلم الأمور ولدي لخالق الأرض والسماء وما فيهن وما تحت الثرى واصبر وما صبرك إلا بالله، وتوكل عليه وفوض أمرك إليه واتقه حق تقاته ليجعل لك من جميع أمورك المخارج لقوله عز وجل ( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسب إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ).

فالله الله ولدي في سياسة الملوك لا تكن غافلا ولا مهملا لأمورك فإنك ركبت الخطر العظيم والهول الفظيع الجسيم.

فلا تلتفت ولدي إلى الدنيا ونعيمها وغضارتها فإنها لعب ولهو وزينة وتفاخر لا توازن عند الله جناح بعوضة ... فاجتهد في ذلك واقتد بإخوانك الماضين حيث تركوا الدنيا لأهلها وبذلوها لطلابها وتوكلوا على الله حق التوكل ولم يقصروا جهدهم في الله وإعزاز دينه وإظهار كلمته وإخماد نار البدع وإماتة الباطل وقتال الباغي العاطل فلم تخدعهم الدنيا بغرورها ولم يعدلوا إلى لذاتها وسرورها حتى تركوها وراء ظهورهم وقذفوا حبها من صدورهم.

هم الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأنفقوا مما رزقهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور، فكن ولدي حيث ظني بك وامتثل أمرك وراع فقراءك حق الرعاية وألف بين إخوانك وأصفيائك وخلانك وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون".

فاطرح ولدي حب الدنيا ومطامعها من قلبك واجتهد في طاعة ربك وخذ حذرك وقو عزمك وصبرك وكن مثل الأسد في ذلك الغار ولا يكن نظرك في راحتك اليوم فإنك اليوم لدينا مكين أمين.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه الأمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

عن الموقع

.com/img/a/ مكتبة أهل الحق والإستقامة <<   مكتبة أهل الحق والإستقامة..موقع يهتم بنشر الكتب القيمة في مختلف الجوانب (فقه..عقيدة..تاريخ...الخ) عند المذهب الإباضية من نتاج فكري.

أعرف أكثر ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف