أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي الوارجلاني - مكتبة أهل الحق والإستقامة

Post Top Ad

Post Top Ad

الثلاثاء، 20 أبريل 2021

أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي الوارجلاني

ومنهم أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي الوارجلاني

وابنه أبو إسحاق إبراهيم رحمهما الله

07



نبدأ بذكر أبي يعقوب في صدر الأسلوب فنقول: هو بحر العلم الزاخر, المسخر للنفع فترى الفلك فيه مواخر الرفيع القدر والهمة, الجامع لفضائل كل آمة, المحتوى على علوم جمة, كأن التوحيدي ينظر إليه في وصفه للقاضي أبي حامد,وما اشتمل عليه من صنوف الفوائد إذ كان لـه في كل جو منتفس, ومن كل نار مقتبس, وهذا الشيخ لـه يد في علم القرآن , وفي علم اللسان, وفي الحديث والأخبار, وفي رواية السير والآثار. وعلم فرائض المواريث, ومعرفة رجال الأحاديث , ولم يخل من اطلاع على علوم الأقدمين, بل حصل مع ملازمة السنة قطعة من علم الحكماء المنجمين.

وأما أبو إسحاق إبراهيم فأمام في علم الأدب, وأن ذاكر في الفروع فيما للعجب, لقد تمسك من الحديث والأصول بسبب أقوى سبب, وعند كليهما من الورع والزهد والتواضع والاقتصاد, ما ليس يدركه أحد من المتنسكين وذوى الاجتهاد, وأن تقاربا في نظم الكريز فإن للشيخ قدرة على تأليف التو أليف, وله من ذلك الصدر الفسيح الغليظ, وقد كان لا تهمه عظائم المهمات, إلا خدمة العلم منذ نشأ حتى مات.


انقطاع الشيخ إلى خدمة العلم

وذكروا عنه أنه أقام سبعة أعوام ملازما داره لا ينصرف فكان متى زاره أحد من الزوار وجدة أما ينسخ و‘ما يدرس, وأما يقابل, وأما يبرئى الأقلام, وأما يطبخ الحبر, وأما يسفر كتابا, لا يعدل عن هذا الفن إلى ما سواه إلا أن قام لاداء فريضة, وكان إذا اعتمد تأليفا أو نسخ ديوان لا يهوله ولا يستعظم فيه صعوبة ولا كثرة فإن لـه على ذلك قدرة, ولقد حدثنا بعض الثقاة قال: وقفت ببلادنا قسطيلية وسوف واريغ ووارجلان على سبع نسخ أو ثمان من كتاب العدل والأنصاف* تأليف أبي يعقوب كلها بخط يده, وأما أنا فرأيت منها ثلاثا.


حرص أهل وارجلان على الاستفادة منه

وكان إذا جاء إلى موضع الوضوء في مسجد في وارجلان انصرف كل من حول المتوضى, فيضع من يده سفرا ومفتاحا ويضع عمامته وكساءه, ويقعد في ثوب واحد فيدخل المطهرة, فيرجعون ويأخذ أحدهم شيئا منها ويأخذ الآخر شيئا آخر, حتى يرجع الشيخ فلا يجد شيئا فيقول ردوا علي علائقى, فيقول أحدهم أرد بعوض فيسأل عن مسألة في النحو ثم يجيب فيرد ما أخذ, ثم يسأل الآخر عن فريضة ويسأل الآخر عن مسألة فقهية ويسأل الآخر عن تأويل آية, ويسأل الآخر عن تأويل رؤيا وعن غير ذلك, فيجيب كلهم فحينئذ يردون عليه ما أخذوا, فكان هذا دأبه رحمه الله حتى لقي الله.

وحدثني أبي رحمه الله قال حدثنا بعض أصحاب أبي سليمان أيوب بن نوح قال: سألت أبا سليمان علما حصل من علم النجامة قال: رحم الله شيخنا أبا يعقوب عمد إلى العلوم النافعة كعلم القرآن والفقه وعلم اللسان فحملها ابنه أبا إسحاق, ووجد عندنا إفهاما قابلة لعلم لا ينفع يعنى علم النجامة فعلمناها, وقلت لـه ما غاية المنجم المحقق أيعلم يومه متى يكون؟ قال اعلم أن غاية المنجم العالم يعرف أسعيد هو أم شقي, وكان أيوب هذا يقول يكون أجلى يوم كذا, فكان كما قال*.


وصول الدعوة الموحدية إلى وارجلان

وحدثنا بعض أهل وارجلان أن أول داع وصل إلى وارجلان من دعاة الدعوة المهدية العيتروسى وصلها في خيل, فلما قدم إليهم دعاهم إلى إجابة الدعوة, فتشاوروا فيما يأتون وما يدرون , فاجمع رأى أكثرهم على قتله وأصحابه, حتى لا يظهر لهم ذكر, فقال علماؤهم ما ضرنا إن نصل إلى الفقيه أبي يعقوب نعلمه بما وقع في نفوسنا ونأخذ ما عنده, فجاؤوه بجمعهم, فقالوا لـه, أن هذه خيل تدعو إلى سلطان قد ظهر, وقد جمعنا على أن نقتلهم قبل أن يعرفوا بلدنا, فان نخاف أن يخرجوا بلادنا أن عرفرها, فقال لهم , هؤلاء لا يخربون بلدكم بل تنالون في أيامهم عزا وإقبالا, وتلقون منهم في بلادهم خير لقاء وإكراما وإحسانا, أكثر مما تلقونه في بلادكم فأجيبوا دعوتهم تفلحوا فليسوا بالذين يخربون بلدكم, وأما الذي يخرب بلدكم فيخرج من سلجماسة يموت في البحر وأن خرج من البحر فإنه يموت في سلجماسة, وهو المتلثم , فإذا ظهر فلا بد أن يرد بلادكم قاعا صفصفا, وسمعت هذا الخبر سنة عشرين وستمائة فلما كان سنة ست وعشرين وأو سبع وعشرين دخلها يحيى بن إسحاق الميروقى المتلثم, فهدم كل ما دار عليه سورها إلى المسجد, وعاد وارجلان كان لم تغن بالأمس.*


الحديث عن حجازية أبي يعقوب

وبلغنا أن أبا يعقوب كان في عصر شبيبته يقرأ بقرطبة ففيها أتقن هذا الفن وفيها حصل بضاعة وافرة من اللغة غير مزجاة, وفيها قرأ جملة من كتب الحديث, ومما يدلك على سعلة ما عنده من هذه الفنون قصيدته الحجازية المتطاولة فان أودعها فصول لا على ما ذكرته من ذلك, أبياتها عدد أيام العام بدأ فيها بغزل رقيق, ثم الرحلة عن وارجلان, والتنبيه عمن صحبهم في ذلك الركب, وذكر الطريق منزلة منزلة في سيرهم حتى وصلوا, وذكر المناسك, ثم فعل كذلك حتى خرج, ثم خرج إلى شئ من علم الحدثان ثم وعظ أحسن وعظ, وتذكير , ففيها ما يشهد لـه باتساع الفن, فكنت اعتقدت أن أودعها هذا الكتاب واشرحها إجابة لرغبة من رغب إلى ذلك , لكن منعتني العجلة في تعليق هذا الكتاب, وكوني أيضا لم أجد من يرويها عن أبي يعقوب فارويها عنه على صحة وأعرف مقاصده فأحدو حدوها, ولعمر الله أن فيها لفوائد كثيرة.

ولأبي يعقوب تأليف كثيرة , أحسنها فيما ذكر لي أبو العباس أبن محمد كتاب الدليل والبرهان هو في علم الأصول, وأما أنا فلم اقف عليه لاني إذ كنت بوارجلان لم أعلق همتى بنظر هذا الفن, فلا قوة إلا بالله, وأيضا فإن الأمهات منه قليلة.

وسمعت في وارجلان من جماعة من شيوخ إن أبا إسحاق رأي في منامه كان نخلتين صنوان أحدهما باسقة والأخرى قصيرة وكان والده في الطويلة منهما يجتنى منها ثمارا وكأنه عالج الطلوع فقدر على الصغيرة, فلما صار إليها عالج طلوع الكبيرة إلى حيث كان أبوه فلم يطلق, فقصها على أبيه فقال يا بنى أنك تحاول منزلة أبيك في العلم وأنت دونها. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

تواصل معنا

أكثر من 600,000+ يتابعون موقعنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي إنظم إلينا الآن

عن الموقع

.com/img/a/ مكتبة أهل الحق والإستقامة <<   مكتبة أهل الحق والإستقامة..موقع يهتم بنشر الكتب القيمة في مختلف الجوانب (فقه..عقيدة..تاريخ...الخ) عند المذهب الإباضية من نتاج فكري.

أعرف أكثر ←

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف

انتباه! تم الكشف عن مانع الإعلانات!

يرجى تعطيل برنامج حظر الإعلانات أو وضع القائمة البيضاء لموقعنا على الويب.

تحديث طريقة الإيقاف